كالفيل ونسرا كالحمار فقتلاها ، ثم ولد له أثر عناق قابيل بن آدم ، فلما أدرك قابيل ما يدرك الرجل (١) أظهر الله عزوجل جنية من ولد الجان يقال لها جهانة في صورة إنسية ، فلما رآها قابيل ومقها فأوحى الله إلى آدم : أن زوج جهانة من قابيل فزوجها من قابيل ، ثم ولد لآدم هابيل فلما أدرك هابيل ما يدرك الرجل (٢) أهبط الله إلى آدم حوراء واسمها ترك (٣) الحواء ، فلما رآها هابيل ومقها فأوحى الله إلى آدم. أن زوج تركا (٤) من هابيل ففعل ذلك ، فكانت ترك (٥) الحوراء زوجة هابيل بن آدم ، ثم أوحى الله عزوجل إلى آدم : سبق علمي أن لا أترك الارض من عالم يعرف به ديني وأن اخرج ذلك من ذريتك فانظر إلى اسمي الاعظم وإلى ميراث النبوة وما علمتك من الاسماء كلها وما يحتاج إليه الخلق من الاثرة عني فادفعه إلى هابيل ، قال : ففعل ذلك آدم بهابيل فلما علم قابيل ذلك من فعل آدم غضب فأتى آدم فقال له : يا أبه ألست أكبر من أخي و أحق بما فعلت به؟ فقال آدم : يا بني إنما الامر بيدالله يؤتيه من يشاء ، وإن كنت أكبر ولدي فإن الله خصه بما لم يزل له أهلا ، فإن كنت تعلم أنه خلاف ما قلت ولم تصدقني فقربا قربانا فأيكما قبل قربانه فهو أولى بالفضل من صاحبه ، قال : وكان القربان في ذلك الوقت تنزل نار فتأكله ، فخرجا فقربا قربانا كما ذكر الله في كتابه : « واتل عليهم نبأ ابني آدم بالحق إذ قربا قربانا فتقبل من أحدهما ولم يتقبل من الآخر » قال : وكان قابيل صاحب زرع فقرب قمحانسيا (٦) رديئا ، وكان هابيل صاحب غنم فقرب كبشا سمينا من خيار غنمه ، فأكلت النار قربان هابيل ولم تأكل قربان قابيل ، فأتاه إبليس لعنه الله فقال : يا قابيل إن هذا الامر الذي أنت فيه ليس بشئ لانه إنما أنت وأخوك ، فلو ولد لكما ولد وكثر نسلكما افتخر نسله على نسلك بما خصه به أبوك ، ولقبول النار قربانه وتركها قربانك ، وإنك إن قتلته لم يجد أبوك بدا من أن يخصك بما دفعه إليه ، قال : فوثب قابيل إلى هابيل فقتله.
ـــــــــــــــ
(١ و ٢) في نسخة : ما يدرك الرجال.
(٣ ـ ٤ و ٥) هكذا في المطبوع والمخطوط ، والظاهر أنها مصحف « نزل » كما حكاها الجزائرى في قصص الانبياء.
(٦) القمح بالفتح فالسكون : الحنطة. النسى بفتح النون ويكسر فسكون : ما يترك المر تحلون من زوال متاعهم.