من ذلك ، ثم أتاها وقال : إن سألت الله أن يجعله صالحا سويا مثلك ويسهل خروجه من بطنك وتسميه (١) عبدالحارث ـ وكان إبليس في الملائكة الحارث ـ فذلك قوله : « فلما آتيهما صالحا جعلا له شركاء آتيهما » أي لما آتاهما الله ولدا سويا صالحا جعلاله شريكا ، أي جعل آدم وحواء له شريكا ، والمراد به عبد الحارث (٢) هذا تمام القصة.
واعلم أن هذا التأويل فاسد ، ويدل عليه وجوه :
الاول : أنه تعالى قال : « فتعالى الله عما يشركون » وذلك يدل على أن الذين أتوا بالشرك جماعة.
الثاني : أنه تعالى قال بعده : « أيشركون مالا يخلق شيئا وهم يخلقون » وهذا يدل على أن المقصود من هذه الآية الرد على من جعل الاصنام شركاء لله تعالى ، وما جرى لابليس اللعين في هذه الآية ذكر.
الثالث : لوكان المراد إبليس لقال : « أتشركون من لا يخلق شيئا » ولم يقل « مالا يخلق شيئا » لان العاقل إنما يذكر بصيغة « من ».
الرابع : أن آدم عليهالسلام كان من أشد الناس معرفة بإبليس وكان عالما بجميع الاسماء كما قال تعال : « وعلم آدم الاسماء كلها » فكان لابد وأن يكون قد علم أن اسم إبليس هوالحارث ، فمع العداوة الشديدة التي بينه وبين آدم ومع علمه بأن اسمه هو الحارث كيف سمى ولد بعبد الحارث؟ وكيف ضاقت عله الاسماء حتى أنه لم يجد. سوى هذا الاسم؟!.
الخامس : أن الواحد منا لوحصل له ولد يرجو منه الخير والصلاح فجاء إنسان ودعاه إلى أن يسميه بمثل هذه الاسماء لزجره وأنكر عليه أشد الانكار ، فآدم عليهالسلام مع نبوته وعلمه الكثير الذي حصل من قوله : « وعلم آدم الاسماء كلها » وتجاربه الكثيرة التي حصلت له بسبب الزلة التي وقع فيها لاجل وسوسة إبليس كيف لم يتنبه لهذا الغدر؟! وكيف لم يعرف أن ذلك من الافعل المنكرة التي يجب على العاقل الاحتراز منها؟!
ـــــــــــــــ
(١) في المصدر : تسميه ـ بدون الواو ـ. م
(٢) « « : والمراد به الحارث. م