السادس : أن بتقدير أن آدم عليهالسلام سماه بعبد الحارث فلا يخلو إما أن يقال : إنه جعل هذا اللفط اسم علم له ، أوجعله صفة له بمعنى أنه أخبر بهذا اللفظ أنه عبدالحارث ومخلوق من قبله ، فإن كان الاول لم يكن هذا شركا بالله ، لان أسماء الاعلام والالقاب لا يفيد في المسميات فائدة ، فلم يلزم من التسمية بهذا اللفظ حصول الاشراك ، وإن كان الثاني كان هذاقولا بأن آدم عليهالسلام اعتقد أن لله شريكا في الخلق والايجاد والتكوين ، وذلك يوجب الجزم بتكفير آدم (ع) وذلك لا يقوله عاقل ، فثبت بهذه الوجوه أن هذا القول فاسد ويجب على المسلم العاقل أن لا يقتفت إليه.
إذا عرفت هذا فنقول : في تأويل الآية وجوه صحيحة سليمه خالية عن هذه المفاسد :
التأويل الاول : ما ذكره القفال فقال : إنه تعال ذكر هذه القصة على سبيل ضرب المثل ، وبيان أن هذه الحالة صورة حالة هؤلاء المشركين في جهلهم وقولهم بالشرك ، وتقدير هذا الكلام كأنه تعالى يقول : هو الذي خلق كل واحد منكم من نفس واحدة وجعل من جنسها زوجها إنسانا يساويه في الانسانية فلما تغشى الزوج الزوجة وظهر الحمل دعا الزوج الزوجة أنهما إن آتيتنا (١) ولدا صالحا سويا لنكونن من الشاكرين لآلائك ومنعمائك ، فلما آتاهما الله ولدا صالحا سويا جعل الزوج والزوجة لله شركاء فيما آتاهما لانهم تارة ينسبون هذا الولد إلى الطبائع كما هو قول الطبائعيين ، وتارة إلى الكواكب كما هو قول المنجمين ، وتارة إى الاصنام والاوثان كما هو قول عبدة الاصنام ، ثم قال : « فتعالى الله عما يشركون » أي تبرأ الله (٢) عن ذلك الشرك ، وهذا جواب في غاية الصحة والسداد.
التأويل الثانى : أن يكون الخطاب لقريش الذين كانوا في عهد رسول الله وهم القصي ، (٣) والمراد من قوله : هو الذي خلقكم من نفس قصي وجعل من جنسها زوجها عربية
ـــــــــــــــ
(١) في المصدر : دعا الزوج والزوجة ربهما ان اتيتنا اه. م
(٢) « « : تنزه الله. م
(٣) « « : آل قصى. م