فما زالت تلك الطوائف (١) ترتد منهم طائفة بعد طائفة إلى أن عاد إلى نيف وسبعين رجلا ، فأوحى الله عزوجل عند ذلك إليه وقال : الآن اسفر الصبح عن الليل لعينك حين صرح الحق عن محضه وصفا من الكدر بار تداد من كانت طينته خبيثة ، فلو أني أهلكت الكفار وأبقيت من قدارتد من الطوائف التي كانت آمنت بك لما كنت صدقت وعدي السابق للمؤمنين الذين أخلصوا التوحيد من قومك واعتصوا بحبل نبوتك بأن أستخلفهم في الارض وامكن لهم دينهم ، ابدل خوفهم بالا من لكي تخلص العبادة لي بذهاب الشك من قلوبهم ، فكيف يكون الاستخلاف والتمكين وتبدل الخوف بالا من مني لهم مع ما كنت أعلم من ضعف يقين الذين ارتدوا وخبث طينتهم وسوء سرائرهم التي كانت نتائج النفاق وشبوح الضلالة ، (٢) فلو أنهم تنسموا مني الملك الذي اوتي المؤمنين وقت الاستخلاف إذا اهلكت أعداؤهم لنشقوا روائح صفاته ، ولا ستحكمت سرائر نفاقهم ، وتأبد خبال ضلالة قلوبهم ، وكاشفوا إخوانهم بالعداوة ، وحاربوهم على طلب الرئاسة والتفرد بالامر والنهي ، وكيف يكون التمكين في الدين وانتشار الامر في المؤمنين مع إثارة الفتن وإيقاع الحروب كلا ، فاصنع الفلك يأعيننا ووحينا. (٣)
بيان : قال الفيروز آبادي : الازر : الاحاطة والقوة والضعف ضد ، والتقوية. والموازرة أن يقوي الزرع بعضه بعضا فيلتف. والتأزير : التغطية. والتقوية. ونصر مؤزر : بالغ شديد. وقال : سوق الشجر تسويقا : صار ذاساق انتهى. فالمراد بقوله (ع) : تأزرت : تقوت والتفت. وبقوله : تسوقت قوي ساقها ، وبقوله : تغصنت كثرت وقوبت أغصانها ، وزهر الثمرة : إحمرارها واصفرارها.
قوله (ع) : « حين صرح الحق » إما بتخفيف الراء المضمومة أي خلص ، أو بالتشديد أي بين. والمحض : الخالص من كل شئ ، وعلى التقديرين يضمن معنى الانكشاف أو الكشف. وشبوح الضلالة بالباء الموحدة والحاء المهملة جمع شبح بالتحريك وهو الشخص أو بالسين المهملة والنون بمنى الظهور ، أو بالخاء المعجمة جمع سنخ بالكسر بمعنى الاصل
ـــــــــــــــ
(١) في نسخة : فما زالت تلك الطوائف من المؤمنين.
(٢) في نسخة : سنوح الضلالة. وفى اخرى : شيوخ الضلالة.
(٣) كمال الدين : ٢٠٢ ـ ٢٠٣. وجملات الرواية مضطربة جدا في نسخ الكتاب والمصدر. م