جميعا لامر الله قال الغلام : ياأبتاه خمر وجهي ، (١) وشد وثاقي ، فقال إبراهيم : يا بني الوثاق مع الذبح؟ لا والله لا أجمعهما عليك اليوم ، فرمى له بقرطان الحمار ، ثم أضجعه عليه ، وأخذ المدية فوضعها على حلقه ورفع رأسه إلى السماء ، ثم انتحى عليه المدية وقلب جبرئيل المدية على قفاها ، (٢) واجتر الكبش من قبل ثبير وأثار الغلام من تحته ، ووضع الكبش مكان الغلام ، ونودي من ميسرة مسجد الخيف : « أن يا إبراهيم قد صدقت الرؤيا إنا كذلك نجزي المحسنين * إن هذا لهو البلاء المبين » (٣) قال : ولحق إبليس بام الغلام حين نظرت إلى الكعبة في وسط الوادي بحذاء البيت فقال لها : ما شيخ رأيته؟ قالت : ذاك بعلي ، قال : فوصيف رأيته معه؟ قالت : ذاك ابني ، قال : فإني رأيته وقد أضجعه وأخذ المدية ليذبحه ، فقالت : كذبت إن إبراهيم أرحم الناس كيف يذبح ابنه؟! قال : فورب السماء والارض ورب هذا البيت لقد رأيته أضجعه وأخذ المدية ، فقالت : ولم؟ قال : زعم أن ربه أمره بذلك ، قالت : فحق له أن يطيع ربه ; فوقع في نفسها أنه قد امر في ابنها بأمر ، فلما قضت نسكها (٤) أسرعت في الوادي راجعة إلى منى وهي واضعة يدها على رأسها تقول : يارب لا تؤاخذني بما عملت بام إسماعيل. قلت : فأين أراد أن يذبحه؟ قال : عند الجمرة الوسطى. قال : ونزل الكبش على الجبل الذي عن يمين مسجد منى نزل من السماء وكان يأكل في سواد ، ويمشي في سواد ، أقرن. قلت : ما كان لونه؟ قال : كان أملح أغبر. (٥)
٣ ـ قال : وحدثني أبي ، عن صفوان بن يحيى وحماد ، عن عبدالله بن المغيرة ، عن ابن سنان عن أبي عبدالله (ع) قال : سألناه عن صاحب الذبح ، فقال : إسماعيل (ع). وروي عن رسول الله (ص) أنه قال : أنا ابن الذبيحين يعني إسماعيل وعبدالله بن عبدالمطلب.
__________________
(١) أى استر وجهى.
(٢) في نسخة : وقلبها جبرئيل على قفاها.
(٣) الاية الاخيرة ليست في المصدر. م
(٤) في نسخة : فلما قضت مناسكها.
(٥) الاغبر : مالونه الغبرة. وفى نسخة : الاعين وهو الذى عظم سواد عينه في سعة.