كأنه يقول : يا أبت لا يليق بمثلك على جلالتك من العلم والدين والنبوة أن تسجد لولدك إلا أن هذا أمر أمرت به وتكليف كلفت به فإن رؤيا الانبياء حق ، فكما أن رؤيا إبراهيم (ع) ذبح ولده صار سببا لوجوب ذلك الذبح عليه في اليقظة فكذلك صارت هذه الرؤيا التي رآها يوسف وحكاها ليعقوب سببا لوجوب ذلك السجود عليه ، فلهذا السبب حكى ابن عباس أن يوسف لما رأى ذلك هاله واقشعر منه جلده ، ولكنه لم يقل شيئا.
وأقول : لا يبعد أن يكون ذلك من تمام تشديد الله تعالى على يعقوب ، كأنه قيل له : أنت كنت دائم الرغبة في وصاله ، دائم الحزن بسب فراقه ، فإذا وجدته فاسجد له ، فكان الامر بتلك السجدة من تمام التشديد والله العالم بحقائق الامور. (١)
انتهى ما أردنا إيراده من كلامه ، ولا نشتغل برد ما حققه وقبوله لئلا يطول الكلام وإنما أوردنا كلامه بطوله ليتضح لك ما صدر عنهم (ع) في الاخبار السالفة لتوجيه ذلك ، ولعلك لاتحتاج بعد ذلك إلى مزيد إيضاح وبيان ; ومن الله التوفيق وعليه التكلان.
( باب ١٠ )
* ( قصص ايوب عليه السلام ) *
الايات ، الانبياء « ٢١ » وأيوب إذنادى ربه أني مسني الضر وأنت أرحم الراحمين * فاستجبنا له فكشفنا ما به من ضر وآتيناه وأهله ومثلهم معهم رحمة من عندنا وذكرى للعابدين ٨٣ ـ ٨٤.
ص « ٣٨ » واذكر عبدنا أيوب إذ نادى ربه أني مسني الشيطان بنصب وعذاب * اركض برجلك هذا مغتسل بارد وشراب * ووهبنا له أهله ومثلهم معهم رحمة منا وذكرى لاولي الالباب * وخذ بيدك ضغثا فاضرب ولا تحنث إنا وجدناه صابرا نعم العبد إنه أواب ٤١ ـ ٤٤.
__________________
(١) مفاتيح الغيب ٥ : ٢٤٤ ـ ٢٤٧. م