المنام أن يذبحه ، فقال له : يا بني خذ الحبل والمدية ثم انطلق بنا إلى هذا الشعب لنحتطب (١) فلما خلا إبراهيم بابنه في شعب ثبير أخبره بما قد ذكره الله عنه ، فقال : ياأبت اشدد رباطي حتى لا أضطرب ، واكفف عني ثيابك حتى لا ينتضح من دمي شئ فتراه امي ، واشحذ شفرتك ، (٢) واسرع مر السكين على حلقي ليكون أهون علي ، فإن الموت شديد ، فقال له إبراهيم : نعم العون أنت يا بني على أمر الله ; ثم ذكر نحوا مما تقدم ذكره.
وروى العياشي بإسناده عن بريد بن معاوية العجلي قال : قلت لابي عبدالله عليهالسلام : كم كان بين بشارة إبراهيم بإسماعيل وبين بشارته بإسحاق؟ قال : كان بين البشارتين خمس سنين ، قال الله سبحانه : « فبشرناه بغلام حليم » يعني إسماعيل ، وهي أول بشارة بشر الله بها إبراهيم في الولد ، ولما ولد لابراهيم إسحاق من سارة وبلغ إسحاق ثلاث سنين أقبل إسماعيل إلى إسحاق وهو في حجر إبراهيم فنحاه وجلس في مجلسه فبصرت به سارة فقالت : يا إبراهيم ينحي ابن هاجر ابني من حجرك ويجلس هو مكانه! لا والله لايجاورني هاجر وابنها في بلادأبدا ، فنحهما عني ، وكان إبراهيم مكرما لسارة يعزها ويعرف حقها ، وذلك أنها كانت من ولد الانبياء وبنت خالته ، فشق ذلك على إبراهيم واغتم لفراق إسماعيل ، فلما كان في الليل أتى إبراهيم آت من ربه فأراه الرؤيا في ذبح ابنه إسماعيل بموسم مكة ، فأصبح إبراهيم حزينا للرؤيا التي رآها ، فلما حضر موسم ذلك العام حمل إبراهيم هاجرو إسماعيل في ذي الحجة من أرض الشام فانطلق بهما إلى مكة ليذبحه في الموسم فبدأ بقواعد البيت الحرام ، فلما رفع قواعده وخرج إلى منى حاجا وقضى نسكه بمنى رجع إلى مكة فطافا بالبيت اسبوعا ثم انطلق إلى السعي ، فلما صارا في المسعى قال إبراهيم لاسماعيل : يا نبي إني أرى في المنام أني أذبحك في الموسم عامي هذا ، فما ذاترى؟ قال : يا أبت افعل ما تؤمر ، فلما فرغا من سعيهما انطلق به إبراهيم إلى منى وذلك يوم النحر ، فلما انتهى به إلى الجمرة الوسطى وأضجعه لجنبه
__________________
(١) هذا لايخلو عن غرابة على مذهب الامامية ، وهو بمذهب العامة أشبه ، وقد عرفت أن قائله من العامة وإن كان يروى عن أئمة الشيعة أيضا.
(٢) شحذ الشفرة : أحدها. والشفرة : السكين العظيمة العريضة.