أقول : غاية ما أفاده رحمهالله هو أن الظاهر من الآيات ذلك ، وبعد تسليمه فقد يعدل عن الظاهر لورود النصوص المعتبرة ، وأما النسخ قبل الفعل فقد مر الكلام فيه في باب الذبيح عليهالسلام ، وتفصيل القوم في ذلك موكول إلى مظانه من الكتب الاصولية.
٣ ـ ص : بإسناده إلى الصدوق عن أبيه ، عن سعد ، عن ابن عيسى ، عن البزنطي عن أبان بن عثمان ، عن أبي حمزة ، عن عكرمة ، عن ابن عباس رضياللهعنه قال : كان في مدينة اثنا عشر سبطا امة أبرار ، وكان فيهم شيخ له ابنة وله ابن أخ خطبها إليه فأبى أن يزوجها فزوجها من غير. فقعد له في الطريق إلى المسجد فقتله وطرحه على طريق أفضل سبط لهم ، ثم غدا يخاصمهم فيه ، فانتهوا إلى موسى صلوات الله عليه فأخبروه فأمرهم أن يذبحوا بقرة ، قالوا : أتتخذنا هزوا؟ نسألك من قتل هذا تقول : اذبحوا بقرة! قال : أعوذ بالله أن أكون من الجاهلين ، ولو انطلقوا إلى بقرة لاجيزت ، ولكن شددوا فشدد الله عليهم ، قالوا : « ادع لنا ربك يبين لنا ما هي قال إنه يقول إنها بقرة لا ذلول » فرجعوا إلى موسى وقالوا : لم نجد هذا النعت إلا عند غلام من بني إسرائيل وقد أبى أن يبيعها إلا بملء مسكها دنانير ، قال : فاشتروها ، فابتاعوها فذبحت ، قال : فأخذ جذوة من لحمها فضربه فجلس ، فقال موسى : من قتلك؟ فقال : قتلني ابن أخي الذي يخاصم في قتلى ، قال : فقتل. فقالوا : يا رسول الله إن لهذه البقرة لنبأ ، فقال صلوات الله عليه : وما هو؟ قالوا : إنها كانت لشيخ من بني إسرائيل وله ابن بار به ، فاشترى الابن بيعا فجاء لينقدهم الثمن فوجد أباه نائما ، فكره أن(١) يوقظه والمفتاح تحت رأسه ، فأخذ القوم متاعهم فانطلقوا ، فلما استيقظ قال له : يا أبت إني اشتريت بيعا كان لي فيه من الفضل كذا وكذا. وإني جئت لانقدهم(٢) الثمن فوجدتك نائما ، وإذا المفتاح تحت رأسك ، فكرهت أن اوقظك ، وإن القوم أخذوا متاعهم ورجعوا ، فقال الشيخ : أحسنت يا بني ، فهذه البقرة لك بما صنعت ، وكانت بقية كانت لهم ، فقال رسول الله عليهالسلام : (٣) انظروا ماذا صنع به البر.(٤)
_________________
(١) في نسخة : فكده أن يوقظه. أى أتعبه.
(٢) نقد الثمن : أعطاه اياه معجلا.
(٣) أى موسى بن عمران عليهالسلام.
(٤) قصص الانبياء مخطوط.