زمزم يحدث الناس ، فلما فرغ من حديثه أتاه رجل فسلم عليه ، ثم قال : يا عبدالله إني رجل من أهل الشام ، فقال : أعوان كل ظالم إلا من عصم الله منكم ، سل عما بدا لك ، فقال : يا عبدالله بن عباس إني جئتك أسألك عمن قتله علي بن أبي طالب من أهل لا إله إلا الله لم يكفروا بصلاة ولا بحج ولا بصوم شهر رمضان ولا بزكاة ، فقال له عبدالله : ثكلتك امك ، سل عما يعنيك ودع مالا يعنيك ، فقال : ما جئتك أضرب إليك من حمص للحج ولا للعمرة ، ولكني أتيتك لتشرح لي أمر علي بن أبي طالب وفعاله ، فقال له : ويلك إن علم العالم صعب لا يحتمله(١) ولا تقربه القلوب الصدئة ، اخبرك أن علي بن أبي طالب عليهالسلام كان مثله في هذه الامة كمثل موسى والعالم عليهماالسلام ، وذلك أن الله تبارك وتعالى قال في كتابه : « يا موسي إني اصطفيتك على الناس برسالاتي وبكلامي فخذ ما آتيتك وكن من الشاكرين * وكتبنا له في الالواح من كل شئ موعظة وتفصيلا لكل شئ » فكان موسى يرى أن جميع الاشياء قد اثبتت له ، كما ترون أنتم أن علماءكم قد أثبتوا جميع الاشياء. فلما انتهى موسى إلى ساحل البحر فلقي العالم فاستنطق بموسى ليضل علمه(٢) ولم يحسده كما حسدتم أنتم علي بن أبي طالب وأنكرتم فضله ، فقال له موسى عليهالسلام : « هل أتبعك على أن تعلمني(٣) مما علمت رشدا » فعلم العالم أن موسى لا يطيق بصحبته و لا يصبر على علمه فقال له : « إنك لن تستطيع معي صبرا * وكيف تصبر على ما لم تحط به خبرا » فقال له موسى : « ستجدني إن شاء الله صابرا ولا أعصي لك أمرا » فعلم العالم أن موسى لا يصبر على علمه فقال : « فإن اتبعتني فلا تسألني عن شئ حتى احدث لك منه ذكرا » قال : فركبا في السفينة فخرقها العالم ، وكان خرقها لله عزوجل رضى وسخطا لموسى ، (٤) ولقي الغلام فقتله فكان قتله لله عزوجل رضى وسخطا لموسى ، وأقام الجدار
_________________
(١) في نسخة : لا تحمله.
(٢) في المصدر : « ليصل علمه » بالصاد المهملة ، أى ليصل موسى علم الخضر وينتهى إليه.
(٣) هكذا في النسخ وفى المصدر. وفى المصحف الشريف : « أن تعلمن » باسقاط الياء ، نعم قرأ « تعلمنى » باثبات الياء وصلا نافع وأبوعمرو ، وفى الحالتين ابن كثير.
(٤) في نسخة وفى المصدر : وسخط ذلك موسى. وكذا فيما بعده.