فقالت : نعم ، فلما أن سألها الملك قالت : أيها الملك إن ابنك امرأة فهل تلد المرأة من المرأة؟! فغضب عليه فأمر بردم الباب(١) عليه فردم ، فلما كان اليوم الثالث حركته رقة الآباء فأمر بفتح الباب ففتح فلم يجدوه فيه ، وأعطاه الله من القوة أن يتصور كيف شاء ، ثم كان على مقدمة ذي القرنين ، وشرب من الماء الذي من شرب منه بقي إلى الصيحة ، قال : فخرج من مدينة أبيه رجلان في تجارة في البحر حتى وقعا إلى جزيرة من جزائر البحر ، فوجدا فيها الخضر قائما يصلي ، (٢) فلما انفتل دعاهما فسألهما عن خبرهما فأخبراه ، فقال لهما : هل تكتمان علي أمري إن أنا رددتكما في يومكما هذا إلى منازلكما؟ فقالا : نعم ، فنوى أحدهما أن يكتم أمره ، ونوى الآخر إن رده إلى منزله أخبر أباه بخبره ، فدعا الخضر سحابة فقال لها : احملي هذين إلى منازلهما ، فحملتهما السحابة حتى وضعتهما في بلدهما من يومهما ، فكتم أحدهما أمره. وذهب الآخر إلى الملك فأخبره بخبره فقال له الملك : من يشهد لك بذلك؟ قال : فلان التاجر ، فدل على صاحبه ، فبعث الملك إليه فلما أحضروه أنكره وأنكر معرفة صاحبه ، فقال له الاول : أيها الملك ابعث معي خيلا إلى هذه الجزيرة واحبس هذا حتى آتيك بابنك ، فبعث معه خيلا فلم يجدوه ، فأطلق عن الرجل(٣) الذي كتم عليه.
ثم إن القوم عملوا بالمعاصي فأهلكهم الله وجعل مدينتهم عاليها سافلها ، وابتدرت الجارية التي كتمت عليه أمره والرجل الذي كتم عليه كل واحد منهما ناحية من المدينة ، فلما أصبحا التقيا فأخبر كل واحد منهما صاحبه بخبره ، فقالا : ما نجونا إلا بذلك ، فآمنا برب الخضر ، وحسن إيمانهما وتزوج بها الرجل ، ووقعا إلى مملكة ملك آخر وتوصلت المرأة إلى بيت الملك ، وكانت تزين بنت الملك فبينا هي تمشطها يوما إذ سقط من يدها المشط فقالت : لا حول ولا قوة إلا بالله ، فقالت لها بنت الملك : ما هذه الكلمة؟ فقالت لها : إن لي إلها تجري الامور كلها بحوله وقوته ، فقالت لها : ألك إله غير أبي؟ فقالت : نعم
_________________
(١) أى سده.
(٢) في نسخة وفى المصدر : فوجدا فيها الخضر قائم يصلى. قلت : انفتل أى انصرف.
(٣) في المصدر : « فاطلق الرجل » وهو الصحيح.