بترك البيعة مهد لنفسه المقدسة الشهادة ، وبها انكسرت سفينة أهل البيت صلوات الله عليهم وكان فيها مصالح عظيمة : منها ظهور كفر بني امية وجورهم على الناس ، وخروج الخلق عن طاعتهم. ومنها : ظهور حقية أهل البيت عليهمالسلام وإمامتهم إذ لو بايعه الحسين عليهالسلام أيضا لظن أكثر الناس وجوب متابعة خلفاء الجور وعدم كونهم عليهمالسلام ولاة الامر. ومنها : أن بسبب ذلك صار من بعده من الائمة عليهمالسلام آمنين مطمئنين ، ينشرون العلوم بين الناس ، إلى غير ذلك من المصالح التي لا يعلمها غيرهم ، ولو كان ما ذكره المؤرخون من بيعته عليهالسلام له أخيرا حقا كان المراد ترك البيعة ابتداء ، ولا يبعد أن يكون في الاصل يزيد بن معاوية فسقط الساقط(١) الملعون هو وأبوه. وأما ما تضمن من قول الحسن عليهالسلام لعبدالله بن علي فيشكل توجيهه ، لانه كان من السعداء الذين استشهدوا مع الحسين صلوات الله عليه على ما ذكره المفيد(٢) وغيره ، والقول بأنه عليهالسلام علم أنه لو بقي بعد ذلك ولم يستشهد لكفر بعيد.
والظاهر أن يكون(٣) عبيدالله مصغرا بناء على ما ذكره ابن إدريس ، (٤) أنه لم يستشهد مع الحسين عليهالسلام ردا على المفيد ، (٥) وذكر صاحب المقاتل(٦) وغيره(٧) أنه صار إلى المختار فسأله أن يدعو إليه ويجعل الامر له فلم يفعل ، فخرج ولحق بمصعب ابن الزبير فقتل في الوقعة وهو لا يعرف.
_________________
(١) الساقط اللئيم.
(٢) ذكره في الارشاد : ١٨٩ و ٢٥٥.
(٣) في نسخة : ويحتمل ان يكون.
(٤) قال في السرائر ص ١٥١ : ذهب شيخنا المفيد في كتاب الارشاد إلى ان عبيدالله بن النهشلية قتل بكربلا مع اخيه الحسين عليهالسلام وهذا خطأ محض بلا مراء ، لان عبيدالله بن النهشلية كان في جيش مصعب بن الزبير ومن جملة اصحابه قتله اصحاب المختار بالمزار وقبره هناك ظاهر ، والخبر بذلك متواتر ، وقد ذكره شيخنا ابوجعفر في الحائريات لما سأله السائل عما ذكره المفيد فاجاب بان عبيدالله بن النشهلية قتله اصحاب المختار بالمزار وقبره هناك معروف عند اهل تلك البلاد. بان عبيدالله بن النشهلية قتله اصحاب المختار بالمزار وقبره هناك معروف عند اهل تلك البلاد. (٥) حيث قال في الارشاد ص ١٨٩ : انه قتل مع اخيه الحسين عليهالسلام بالطف.
(٦) مقاتل الطالبين : ١٢٥ طبع الحلبى بالقاهرة.
(٧) كالمسعودى في مروج الذهب وابن سعد في الطبقات وابن قتيبة في المعارف.