بشرا فأنا صانعها خلقا ، فتبارك وجهي ، وتقدس صنعي ، ليس كمثلي شئ ، وأنا الحي الدائم لا أزول. يا موسى كن إذا دعوتني خائفا مشفقا وجلا ، وناجني حين تناجيني بخشية من قلب وجل ، وأحي بتوراتي أيام الحياة ، وأعلم الجاهلين محامدي ، (١) وذكرهم آلائي ونعمي ، وقل لهم : لا يتمادون في غي ما هم فيه ، فإن أخذي أليم شديد.(٢)
يا موسى إن انقطع حبلك مني لم يتصل بحبل غيري ، فاعبدني وقم بين يدي مقام العبد الحقير ، ذم نفسك وهي أولى بالذم ، ولا تتطاول على بني إسرائيل بكتابي ، فكفى بهذا واعظا لقلبك ومنيرا ، وهو كلام رب العالمين جل وتعالى.
يا موسى ما دعوتني وجدتني ، فإني سأغفر لك على ما كان منك ، السماء تسبح لي وجلا ، والملائكة من مخافتي مشفقون ، وأرضي(٣) تسبح لي طمعا ، وكل الخلق يسبحون لي داخرين ، ثم عليك بالصلاة فإنها مني بمكان ، ولها عندي عهد وثيق ، و ألحق بها ما منها(٤) زكاة القربان من طيب المال والطعام فإني لا أقبل إلا الطيب يراد به وجهي ، اقرن مع ذلك صلة الارحام ، فإني أنا الله الرحمن الرحيم ، والرحم إني خلقتها فضلا من رحمتي ليتعاطف بها العباد ولها عندي سلطان في معاد الآخرة ، وأنا قاطع من قطعها ، وواصل من وصلها ، وكذلك أفعل بمن ضيع أمري.
يا موسى أكرم السائل إذا أتاك برد جميل أو إعطاء يسير ، فإنه يأتيك من ليس بإنس ولا جان ، ملائكة الرحمن يبلونك كيف أنت صانع فيما أوليتك ، وكيف مواساتك فيما خولتك ، فاخشع لي بالتضرع ، واهتف بولولة(٥) الكتاب ، واعلم أني أدعوك دعاء السيد مملوكه ليبلغ(٦) به شرف المنازل ، وذلك من فضلي عليك وعلى آبائك الاولين. يا موسى لا تنسني على كل حال ، ولا تفرح بكثرة المال فإن نسياني يقسي القلوب
_________________
(١) في المصدر والروضة : وعلم الجهال محامدى.
(٢) هكذا في النسخ والروضة ، وفى المصدر : فان اخذى لهم شديد.
(٣) في المصدر والروضة : والارض.
(٤) في المصدر والروضة : ما هو منها.
(٥) الولولة بالفتح : رفع الصوت بالويل والبكاء والصياح.
(٦) في المصدر : لتبلغ.