صالح ، أنا ههنا منذ ما شاء الله ما أجد في هذه الشجرة إلا رمانة واحدة ، ولولا أنك عبد صالح ما وجدت رمانتين ، (١) قال : أنا رجل أسكن أرض موسى بن عمران ، قال : فلما أصبح قال : تعلم أحدا أعبد منك؟ قال : نعم فلان الفلاني ، (٢) قال : فانطلق إليه فإذا هو أعبد منه كثيرا ، فلما أمسى اوتي برغيفين وماء ، فقال : يا عبدالله من أنت؟ إنك عبد صالح ، أنا ههنا منذ ما شاء الله وما اوتى إلا برغيف واحد ، ولولا أنك عبد صالح ما اوتيت برغيفين ، فمن أنت؟ قال : أنا رجل أسكن أرض موسى بن عمران ، ثم قال موسى : هل تعلم أحدا أعبد منك؟ قال : نعم فلان الحداد في مدينة كذا وكذا ، قال : فأتاه فنظر إلى رجل ليس بصاحب عبادة ، بل إنما هو ذاكر لله تعالى ، وإذا دخل وقت الصلاة قام فصلى ، فلما أمسى نظر إلى غلته(٣) فوجدها قد اضعفت ، قال : يا عبدالله من أنت؟ إنك عبد صالح ، أنا ههنا منذ ما شاء الله ، غلتي قريب بعضها من بعض والليلة قد اضعفت ، فمن أنت؟ قال : أنا رجل أسكن أرض موسى بن عمران ، قال : فأخذ ثلث غلته فتصدق بها ، و ثلثا أعطى مولى له ، وثلثا اشترى به طعاما فأكل هو وموسى ، قال : فتبسم موسى عليهالسلام ، فقال : من أي شئ تبسمت؟ قال : دلني نبي بني إسرائيل(٤) على فلان فوجدته من أعبد الخلق ، فدلني على فلان فوجدته أعبد منه ، فدلني فلان عليك وزعم أنك أعبد منه ولست أراك شبه القوم ، قال : أنا رجل مملوك ، أليس تراني ذاكرا لله؟ أو ليس تراني اصلي الصلاة لوقتها؟ وإن أقبلت على الصلاة أضررت بغلة مولاي وأضررت بعمل الناس ، أتريد أن تأتي بلادك؟ قال : نعم ، قال : فمرت به سحابة فقال الحداد : يا سحابة تعالي ، قال : فجاءت ، قال : أين تريدين؟ قالت : اريد أرض كذا وكذا ، قال : انصرفي ، ثم مرت به اخرى ، فقال : يا سحابة تعالي ، فجاءته ، فقال : أين تريدين؟ قالت : اريد أرض
_________________
(١) والظاهر بقرينة ما يأتى أنه سقط من ههنا جملة : فمن أنت؟
(٢) فلان وفلانة يكنى بهما عن العلم الذى مسماه ممن يعقل فلا تدخل أل عليهما ، ويكنى بهما أيضا عن العلم الغير العاقل فتدخل عليهما ال ، فقوله : الفلانى كنى به عن المكان الذى هو فيه.
(٣) الغلة بالفتح : الدخل من كراء دار وفائدة أرض ونحو ذلك ، والمراد هنا فائدة كسبه.
(٤) فيه اضطراب ، والظاهر انه أراد بالنبى نفسه ، فعليه اطلاق لفظة دلنى لا يخلو عن تسامح وتجوز.