إليه ، فإن الخير كاسمه ، واترك من الدنيا ما بك الغنى عنه ، ولا تنظر عيناك إلى كل مفتون فيها موكول إلى نفسه ، واعلم أن كل فتنة بذرها حب الدنيا. ولا تغبطن أحدا برضى الناس عنه حتى تعلم أن الله عزوجل عنه راض ، ولا تغبطن أحدا بطاعة الناس له واتباعهم إياه على غير الحق فهو هلاك له ولمن اتبعه.(١)
٥٢ ـ وقال أبوجعفر عليهالسلام : قال موسى عليهالسلام : أي عبادك أبغض إليك؟ قال : جيفة بالليل ، بطال بالنهار.(٢)
وقال : قال موسى لربه : يا رب إن كنت بعيدا ناديت ، وإن كنت قريبا ناجيت ، قال : يا موسى : أنا جليس من ذكرني ، فقال موسى : يا رب إنا نكون على حال من الحالات في الدنيا مثل الغائط والجنابة فنذكرك؟ قال : يا موسى اذكرني على كل حال. وقال : قال موسى : يا رب ما لمن عاد مريضا؟ قال : اوكل به ملكا يعوده في قبره إلى محشره. قال : يا رب ما لمن غسل ميتا؟ قال : اخرجه من ذنوبه كما خرج من بطن امه. قال : يا رب ما لمن شيع جنازة؟ قال : اوكل به ملائكة معهم رايات يشيعونه من محشره إلى مقامه. قال : فما لمن عزى الثكلى؟ قال : اظله في ظلي يوم لا ظل إلا ظلي. تعالى الله.
وقال : فيما ناجى الله به موسى أن قال : أكرم السائل إذا هو أتاك بشئ ببذل يسير أو برد جميل ، فإنه قد يأتيك من ليس بجني ولا إنسي : ملك من ملائكة الرحمن ليبلوك فيما خولتك ، ويسألك عما مولتك(٣) فكيف أنت صانع؟
وقال : يا موسى لخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك.(٤) بيان : قوله تعالى : ( فإن الخير كاسمه ) لعل المراد أن الخير لما دل بحسب أصل
_________________
(١ و ٤) قصص الانبياء مخطوط.
(٢) أى نائم بالليل كله كأنه جثة الميت ، لا يستيقظ فيناجى ربه ويدعو ويتضرع ويصلى. بطال
بالنهار يشتغل فيه باللهو واللعب ولا يحرج إلى طلب الرزق ، ولا يشتغل بمشاغل فيها النفع انفسه
والمجتمع ، فهو كالعضو الفالج ليلا ونهارا.
(٣) أى صيرتك ذا مال.