يا بني كن عبدا للاخيار ، ولا تكن ولدا للاشرار ، يا بني أد الامانة تسلم دنياك وآخرتك ، وكن أمينا فإن الله تعالى جل وعلا لا يحب الخائنين ، يا بني لا تر الناس أنك تخشى الله وقلبك فاجر.(١)
بيان : لا تقترب أي من الناس في المعاشرة كثيرا فيصير سببا لكثرة البعد عنهم ، والغرض بيان أن ما ينبغي في معاشرتهم هو رعاية الوسط ، فإن كثرة الخلطة وبث الاسرار أقرب إلى المفارقة ، والبعد عنهم يوجب الاهانة. قوله عليهالسلام : (لا تنشر بزك) أي لا تعرض متاعك من العلم والحكمة إلا عند طالبه ومن هو أهله.
١٢ ـ ص : بالاسناد إلى الصدوق ، عن أبيه ، عن سعد ، عن الاصبهاني ، عن المنقري ، عن حماد بن عيسى ، عن الصادق عليهالسلام أنه قال : لما وعظ لقمان ابنه فقال : أنا منذ سقطت إلى الدنيا استدبرت(٢) واستقبلت الآخرة ، فدار أنت إليها تسير أقرب من دار أنت منها متباعد ، يا بني لا تطلب من الامر مدبرا ، ولا ترفض منه مقبلا ، فإن ذلك يضل الرأي ويزري بالعقل ، يا بني ليكن مما تستظهر به على عدوك الورع عن المحارم ، والفضل في دينك ، والصيانة لمروتك ، (٣) والاكرام لنفسك أن تدنسها بمعاصي الرحمن ومساوي الاخلاق وقبيح الافعال ، واكتم سرك ، وأحسن سريرتك ، فإنك إذا فعلت ذلك أمنت بستر الله أن يصيب عدوك منك عورة ، أو يقدر منك على زلة ، ولا تأمنن مكره فيصيب منك غرة(٤) في بعض حالاتك ، وإذا استمكن منك وثب عليك ولم يقلك عثرة ، وليكن مما تتسلح به على عدوك إعلان الرضى عنه ، واستصغر الكثير في طلب المنفعة ، واستعظم الصغير في ركوب المضرة ، يا بني لا تجالس الناس بغير طريقتهم ، ولا تحملن عليهم فوق طاقتهم فلا يزال جليسك عنك نافرا ، والمحمول عليه فوق طاقته مجانبا لك ، فإذا أنت فرد لا صاحب لك يؤنسك ، ولا أخ لك يعضدك ، فإذا بقيت وحيدا كنت
_________________
(١) قصص الانبياء مخطوط.
(٢) استظهر في هامش المطبوع أن الصواب : استدبرتها.
(٣) أصلها « المروءة » أى كمال الرجولية ، ويقال بالفارسية « مردانكى » فقلب الهمزة واوا ثم ادغم.
(٤) الغرة بالكسر : الغفلة ، أى فيصيب منك غفلة في بعض حالاتك فيضرك.