ولا تسترشدوه ، فإن الشخص الواحد في الفلات مريب ، لعله أن يكون عينا(١) للصوص ، أو يكون هو الشيطان الذي يحيركم ، واحذروا الشخصين أيضا إلا أن تروا مالا أرى ، فإن العاقل إذا أبصر بعينه شيئا عرف الحق منه ، والشاهد يرى مالا يرى الغائب ، يا بني فإذا جاء وقت الصلاة فلا تؤخرها لشئ ، وصلها واسترح منها ، فإنها دين ، وصل في جماعة ولو على رأس زج ، (٢) ولا تنامن على دابتك فإن ذلك سريع في دبرها ، وليس ذلك من فعل الحكماء إلا أن تكون في محمل يمكنك التمدد لاسترخاء المفاصل ، وإذا قربت من المنزل فانزل عن دابتك ، وابدء بعلفها قبل نفسك ، وإذا أردت النزول فعليك من بقاع الارض بأحسنها لونا ، وألينها تربة ، وأكثرها عشبا ، وإذا نزلت فصل ركعتين قبل أن تجلس ، وإذا أردت قضاء حاجة فابعد المذهب في الارض ، فإذا ارتحلت فصل ركعتين ، وودع الارض التي حللت بها ، وسلم عليها وعلى أهلها ، فإن لكل بقعة أهلا من الملائكة ، وإن استطعت أن لا تأكل طعاما حتى تبدء فتتصدق منه فافعل ، وعليك بقراءة كتاب الله عزوجل ما دمت راكبا ، وعليك بالتسبيح ما دمت عاملا ، وعليك بالدعاء ما دمت خاليا ، وإياك والسير من أول الليل ، وعليك بالتعريس والدلجة(٣) من لدن نصف الليل إلى آخره ، وإياك ورفع الصوت في مسيرك.(٤)
أقول : قال الشيخ أمين الدين الطبرسي : اختلف في لقمان فقيل : إنه كان حكيما ولم يكن نبيا ، عن ابن عباس ومجاهد وقتادة وأكثر المفسرين ، وقيل : إنه كان نبيا ، عن عكرمة والسدي والشعبي ، وفسروا الحكمة في الآية بالنبوة ، وقيل : إنه كان عبدا أسود حبشيا ، غليظ المشافر ، (٥) مشقوق الرجلين في زمن داود عليهالسلام ، وقال له بعض الناس : ألست كنت ترعى الغنم معنا؟ فقال : نعم ، فقال : من أين اوتيت ما أرى؟ قال :
_________________
(١) العين : الديدبان والجاسوس.
(٢) الزج : الحديدة التى في أسفل الرمح.
(٣) من عرس القوم : نزلوا من السفر لاستراحة ثم يرتحلون. والدجلة من قولهم : أدلج
القوم : ساروا الليل كله أو في آخره ، والاسم الدلجة بضم الدال وفتحها.
(٤) روضة الكافى : ٣٤٨ و ٣٤٩.
(٥) المشافر جمع المشفر : الشفة.