واقبل الميسور منها ، وقيل : هو العفو في قبول العذر من المعتذر ، وترك المؤاخذة بالاساءة « وأمر بالعرف » يعني بالمعروف ، وهو كل ما حسن في العقل فعله أو الشرع « وأعرض عن الجاهلين » أي أعرض عنهم عند قيام الحجة عليهم ، والاياس من قبولهم ، ولا تقابلهم بالسفه صيانة لقدرك (١).
وفي قوله تعالى : « ومنهم الذين يؤذون النبي ويقولون هو اذن » أي يستمع إلى ما يقال له ويصغى إليه ويقبله « قل اذن خير لكم » أي يستمع إلى ما هو خير لكم وهو الوحي (٢) ، أو هو يسمع الخير ويعمل به ومنهم من قرأ : « اذن خير لكم » بالرفع والتنوين فيهما ، فالمعنى أن كونه اذنا أصلح لكم ، لانه يقبل عذركم ، ويستمع إليكم ، ولو لم يقبل عذركم لكان شرا لكم ، فكيف تعيبونه بما هو أصلح لكم؟ « يؤمن بالله ويؤمن للمؤمنين » أي لا يضره كونه اذنا فإنه اذن خير فلا يقبل إلا الخير الصادق من الله ، و يصدق المؤمنين أيضا فيما يخبرونه ، ويقبل منهم ، دون المنافقين ، وقيل : « يؤمن للمؤمنين » أي يؤمنهم فيما يلقي إليهم من الامان « ورحمة للذين آمنوا منكم » أي وهو رحمة لهم لانهم إنما نالوا الايمان بهدايته ودعائه إياهم (٣).
وفي قوله تعالى : « واصبر » » : أى فيما تبلغه من الرسالة ، وفيما تلقاه من الاذى « وما صبرك إلا بالله » أى بتوفيقه وتيسيره وترغيبه فيه « ولا تحزن عليهم » أى على المشركين في إعراضهم عنك ، فإنه يكون الظفر والنصرة لك عليهم ، ولا عتب عليك في إعراضهم « ولا تك في ضيق مما يمكرون » أى لا يكن صدرك في ضيق من مكرهم بك وبأصحابك ، فإن الله يرد كيدهم في نحورهم (٤).
وفي قوله : « فعلك باخع نفسك على آثارهم » أي مهلك وقاتل نفسك على آثار قومك الذين قالوا : لن نؤمن لك حتى تفجر لنا من الارض ينبوعا ، تمردا منهم على ربهم
____________________
(١) مجمع البيان ٤ : ٥١٢.
(٢) في المصدر : أى هو اذن خير يستمع إلى ما هو خير لكم وهو الوحى.
(٣) مجمع البيان ٥ : ٤٤ و ٤٥.
(٤) مجمع البيان ٦ : ٣٩٣.