الشديد البرد فينفصم عنه (١) ، وإن جبينه ليرفض (٢) عرقا « إن ناشئة الليل » إن النفس التي تنشأ من مضجعها إلى العبادة ، من نشأ من مكانه : إذا نهض ، أو قيام الليل على أن الناشئة له ، أو العبادة التي تنشأ بالليل ، أي تحدث ، أو ساعات الليل ، فإنها تحدث واحدة بعد اخرى ، أو ساعاتها الاول من نشأت : إذا ابتدأت « هي أشد وطأ » أى كلفة ، أو ثبات قدم « وأقوم قيلا » وأسد مقالا ، أو أثبت قراءة لحضور القلب ، وهدوء الاصوات (٣) إن لك في النهار سبحا طويلا « تقلبا في مهامك واشتغالا بها ، فعليك بالتهجد ، فإن مناجات الحق تستدعي فراغا » واذكر اسم ربك « ودم على ذكره ليلا ونهارا » وتبتل إليه تبتيلا « وانقطع إليه بالعبادة ، وجرد نفسك عما سواه » رب المشرق والمغرب « خبر محذوف ، أو مبتدأ خبره » لا إله إلا هو «.
« فاتخذه وكيلا » مسبب عن التهليلة (٤) ، فإن توحده بالالوهية يقتضي أن توكل إليه الامور « واصبر على ما يقولون » من الخرافات « واهجرهم هجرا جميلا » بأن تجانبهم وتداريهم ولا تكافيهم ، وتكل أمرهم إلى الله كما قال : « وذرني والمكذبين » دعني وإياهم ، وكل إلي أمرهم « اولي النعمة » أرباب التنعم ، يريد صناديد قريش « ومهلهم قليلا » زمانا أو إمهالا « إن ربك يعلم أنك تقوم أدنى من ثلثي الليل ونصفه وثلثه » استعار الادنى للاقل ، لان الاقرب إلى الشئ أقل بعدا منه ، و « نصفه » و « ثلثه » « عطف على » « أدنى ».
« وطائفة من الذين معك » ويقوم ذلك جماعة من أصحابك « والله يقدر الليل والنهار » لا يعلم مقادير ساعاتهما كما هي إلا الله « علم أن لن تحصوه « أي لن تحصوا تقدير الاوقات ، ولن تستطيعوا ضبط الساعات » فتاب عليكم « بالترخيص في ترك القيام المقدور (٥) ، ورفع التبعة
____________________
(١) أى فيقطع عنه.
(٢) أى يسيل ويرشش.
(٣) أى سكونها.
(٤) في المصدر : التهليل.
(٥) في المصدر : القيام المقدر.