فيه » فاقرؤا ما تيسر من القرآن « فصلوا ما تيسر عليكم من صلاة الليل ، عبر عن الصلاة بالقراءة كما عبر عنها بسائر أركانها ، قيل : كان التهجد واجبا على التخيير المذكور ، فعسر عليهم القيام به فسنخ به ، ثم نسخ هذا بالصلوات الخمس ، أو فاقرؤا القرآن بعينه كيفما تيسر عليهم » علم أن سيكون منكم مرضى « استيناف يبين حكمة اخرى مقتضية للترخيص والتخفيف ، ولذلك كرر الحكم مرتبا عليه ، وقال : « وآخرون يضربون في الارض يبتغون من فضل الله » والضرب في الارض : ابتغآء للفضل ، أو المسافرة للتجارة ، وتحصيل العلم (١).
« يا أيها المدثر » أي المتدثر ، وهو لابس الدثار ، وسيأتي القول فيه « قم » من مضجعك ، أو قم قيام عزم وجد « فأنذر » مطلق للتعميم ، أو مقدر بمفعول دل عليه قوله : « وأنذر عشيرتك الاقربين ».
« وربك فكبر » وخصص ربك بالتكبير وهو وصفه بالكبرياء عقدا وقولا « و ثيابك فطهر » من النجاسات فإن التطهير واجب في الصلاة ، محبوب في غيرها ، وذلك بغسلها أو بحفظها عن النجاسة كتقصيرها مخافة جر الذيول فيها ، وهو أول ما امر به من رفض العادات المذمومة ، أو طهر نفسك من الاخلاق والافعال الذميمة (٢) أو فطهر دثار النبوة عما يدنسه من الحقد والضجر وقلة الصبر « والرجز فاهجر » واهجر العذاب بالثبات على هجر ما يؤدي إليه من الشرك وغيره من القبائح « ولا تمنن تستكثر » ولا تعط مستكثرا ، نهي عن الاستغزاز ، وهو أن يهب شيئا طامعا في عوض أكثر ، نهي تنزيه ، أو نهيا خاصا به صلىاللهعليهوآله ، أو لا تمنن على الله بعبادتك مستكثرا إياها ، أو على الناس بالتبليغ مستكثرا به الاجر منهم ، أو مستكثرا إياه « ولربك » ولوجهه أو أمره « فاصبر » فاستعمل الصبر ، أو فاصبر على مشاق التكاليف وأذى المشركين (٣).
وفي قوله تعالى : « ولا تطع منهم آثما أو كفورا » أي كل واحد من مرتكب
____________________
(١) أنوار التنزيل ٢ : ٥٥٧ ـ ٥٦٠.
(٢) في المصدر ، من الاخلاق الذميمة والافعال الدنية. وزاد بعد ذلك فيكون أمر باستكمال القوة العملية بعد أمره باستكمال القوة النظرية والدعاء اليه.
(٣) أنوار التنزيل ٢ : ٥٦٠ و ٥٦١.