فما كان حال ابى؟ قال : أقر بالنبي (ص) وبما جاء به ودفع إليه الوصايا ومات ابى من يومه (١).
بيان : روى الكليني هذا الخبر عن محمد بن يحيى ، عن سعد ، عن جماعة من أصحابنا ، عن أحمد بن هلال ، عن امية بن علي القيسي ، عن درست مثله (٢) ، إلا أن فيه : كان رسول الله (ص) محجوجا بأبي طالب ، وكذا في آخر الخبر : فما كان حال أبي طالب والظاهر أن أحدهما تصحيف الآخر لوحدة الخبر ، ويحتمل أن يكون السائل سئل عن حال كليهما ، وكان الجواب واحدا ، ثم التعليل الوارد في الخبر فيه إشكال ظاهر ، إذ دفع الوصية لا ينافي كونه حجة على النبي صلىاللهعليهوآله ، كما أن النبي دفع الوصايا إلى أمير المؤمنين (ع) عند موته ، مع أنه كان حجة عليه ، ويمكن أن يتكلف فيه بوجوه :
الاول أن يكون المراد بالدفع الدفع قبل ظهور آثار الموت ، فإن الامام إنما يدفع الكتب والآثار إلى الامام الذي بعده عندما يظهر له انتهاء مدته ، فيكون قوله : ومات ابى من يومه ، أي كذا اتفق من غير علمه بذلك ، أو يكون ما أعطاه عند موته غير ما أعطاه قبل ذلك ، وإنما أعطى عند الموت بقية الوصايا.
الثاني : أن يكون المراد بالدفع دفعا خاصا من جهة كونه مستودعا للوصايا ، لا من جهة كونها له بالاصالة ، ودفعها إلى غيره عند انتهاء حاجته كما صرح عليهالسلام أولا بقوله : ولكنه كان مستودعا للوصايا ، فالمعنى أنه لو كان كذلك لما دفع إليه الوصايا على هذا الوجه.
الثالث : أن يكون المراد بكونه محجوجا بأبي طالب كونه مؤاخذا بسببه ، وبأنه
___________________
(١) كمال الدين : ٣٧٤.
(٢) اصول الكافى ١ : ٤٤٥ أقول : آبى ومثله آبة ( بامالة الياء والتاء ) من ألقاب علماء النصارى وكان آبى هذا اسمه بالط على ما سيجئ فصحف « ابى بالط » في نسخ الكافى بابى طالب و لو كان ذاك المستودع للوصايا أباطالب لما أخر الاداء والدفع إلى يوم وفاته؟! بل الظاهر أن الثانى عشر من أوصياء عيسى عليهالسلام لما لم يكن له ان يوصى إلى احد استودع الوصايا حين وفاته عند من يوصلها إلى النبى محمد صلىاللهعليهوآله فكان آبى بالط آخر المستودعين الذين تناهت إليهم الوصايا فقدم إلى النبى لاداء الوديعة فدفع الوصايا إليه والدفع انما يقال لايصال الرجل ما ليس له إلى صاحبه فلو كان النبى محجوجا به لما دفع إليه الوصايا مقدما بل كان على النبى ان يقدم اليه لاخذ الوصايا.