واللغة والصرف والنحو والمعاني والبيان ، وعلم الاحوال ، وعلم الاخلاق ، وما شئت.
وأما قوله : « فإن لم تفعلوا ولن تفعلوا » فإنه يدل على إعجاز القرآن وصحة نبوة محمد صلىاللهعليهوآله من وجوه :
أحدها : أنا نعلم بالتواتر أن العرب كانوا يعادونه أشد المعاداة ، ويتهالكون في إبطال أمره ، وفراق الاوطان والعشيرة ، وبذل النفوس والمهج منهم ، من أقوى ما يدل على ذلك ، فإذا انضاف إليه مثل هذا التقريع وهو قوله : « فإن لم تفعلوا ولن تفعلوا » فلو أمكنهم الاتيان بمثله لاتوا به ، وحيث لم يأتوا به ظهر كونه معجزا.
وثانيها : أنه (ص) إن كان متهما عندهم فيما يتعلق بالنبوة فقد كان معلوم الحال في وفور العقل ، فلو خاف عاقبة أمره لتهمة فيه حاشاه عن ذلك لم يبالغ في التحدي إلى هذه الغاية.
وثالثها : أنه لو لم يكن قاطعا بنبوته لكان يجوز خلافه ، وبتقدير وقوع خلافه يظهر كذبه ، فالمبطل المزور لا يقطع في الكلام قطعا ، وحيث جزم دل على صدقه.
ورابعها : أن قوله : « ولن تفعلوا » وفي ( لن ) تأكيد بليغ في نفي المستقبل إلى يوم الدين إخبار بالغيب ، وقد وقع كما قال ، لان أحدا لو عارضه لامتنع أن لا يتواصفه الناس ويتناقلوه عادة ، لاسيما والطاعنون فيه أكثف عددا من الذابين عنه ، وإذا لم تقع المعارضة إلى الآن حصل الجزم بأنها لا تقع أبدا ، لاستقرار الاسلام ، وقلة شوكة الطاعنين انتهى.
وقال البيضاوي : « من مثله » صفة سورة ، أي بسورة كائنة من مثله ، والضمير لما نزلنا و (من) للتبعيض أو للتبيين ، وزائدة عند الاخفش ، أي بسورة مماثلة للقرآن في البلاغة و حسن النظم ، أو لعبدنا و (من) للابتداء ، أي بسورة كائنة ممن هو على حاله (ص) من كونه بشرا اميا لم يقرأ الكتب ، ولم يتعلم العلوم ، أو صلة فأتوا والضمير للعبد ، و الرد إلى المنزل أوجه « وادعوا شهداءكم من دون الله » أمر بأن يستعينوا بكل من ينصرهم ويعينهم ، والشهداء جمع شهيد بمعنى الحاضر ، أو القائم بالشهادة ، أو الناصر ، أو الامام ، و (من) متعلقة بـ (ادعوا) ، والمعنى وادعوا لمعارضته من حضركم أو رجوتم معونته