قالوا : إنه من جنس الكتب ، والكتاب لا يكون من جنس المعجزات ، فلاجل هذه الشبهة طلبوا المعجزة.
الثاني : أنهم طلبوا معجزات من جنس معجزات سائر الانبياء ، مثل فلق البحر ، وإظلال الجبل.
الثالث : أنهم طلبوا مزيد الآيات والمعجزات على سبيل التعنت ، واللجاج ، مثل إنزال الملائكة ، وإسقاط السماء كسفا ، وسائر ما حكاه عن الكافرين ، فيحتمل أن يكون المراد (١) ما حكاه الله عن بعضهم في قوله : « اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك فأمطر علينا حجارة من السماء أو ائتنا بعذاب أليم » ثم إنه تعالى أجاب عن سؤالهم بقوله : « قل إن الله قادر على أن ينزل آية » يعني أنه تعالى قادر على إيجاد ما طلبتموه « ولكن أكثرهم لا يعلمون » واختلفوا في تفسيره على وجوه :
فالاول أن يكون المراد أنه تعالى لما أنزل آية باهرة ومعجزة قاهرة وهي القرآن كان طلب الزيادة جاريا مجرى التحكم والتعنت الباطل ، والله سبحانه له الحكم والامر فإن شاء فعل ، وإن شاء لم يفعل ، لان فاعليته لا يكون إلا بحسب محض المشية على قول أهل السنة ، أو على وفق المصلحة على مذهب المعتزلة ، وعلى التقديرين فإنها لا تكون على وفق اقتراحات الناس ، فإن شاء أجابهم ، وإن شاء لم يجبهم.
الثاني : لما ظهرت المعجزة القاهرة والدلالة الكافية لم يبق لهم عذر ولا علة ، فعند ذلك لو أجابهم في ذلك الاقتراح فلعلهم يقترحون اقتراحا ثانيا وثالثا ورابعا ، وهكذا إلى ما لا غاية له ، وذلك يقضي إلى أنه لا يستقر الدليل ، ولا تتم الحجة ، فوجب في أول الامر سد هذا الباب ، والاكتفاء بما سبق من المعجزة الباهرة.
الثالث : أنه تعالى لو أعطاهم ما طلبوه فلو لم يؤمنوا عند ظهورها لاستحقوا عذاب الاستيصال فاقتضت رحمة الله صونهم عن هذا البلاء ، وإن كانوا لا يعلمون كيفية هذه الرحمة ، ولذا قال : « ولكن أكثرهم لا يعلمون ».
الرابع : أنه تعالى علم منهم أنهم إنما يطلبون هذه المعجزات لا لطلب الفائدة
___________________
(١) في المصدر : الرابع أن يكون المراد.