وقوله تعالى : « وإذ يعدكم الله » يدل على أنه (ص) وعدهم من قبل الله تعالى بما قد وقع ، وسيأتي شرحه.
قوله تعالى : « قالوا قد سمعنا لو نشآء لقلنا مثل هذا » قال البيضاوي : هو قول نضر ابن الحارث ، وإسناده إلى الجمع إسناد ما فعله رئيس القوم إليهم ، فإنه كان قاضيهم ، وقيل : هو قول الذين ائتمروا في أمره (ص) ، وهذا غاية مكابرتهم ، وفرط عنادهم ، إذ لو استطاعوا من ذلك فما منعهم أن يشاؤوا وقد تحداهم وقرعهم بالعجز عشر سنين ، ثم قارعهم بالسيف فلم يعارضوا سواه (١) ، مع أنفتهم ، وفرط استنكافهم أن يغلبوا خصوصا في باب البيان « إن هذا إلا أساطير الاولين » ما سطره الاولون من القصص (٢).
قوله تعالى : « فسينفقونها » قال الطبرسي رحمهالله : قيل : نزلت في أبي سفيان من حرب استأجر يوم احد ألفين من الاحابيش (٣) يقاتل بهم النبي صلىاللهعليهوآله سوى من استجاشهم (٤) من العرب وقيل : نزلت في المطعمين يوم بدر (٥) ، وقيل : لما اصيبت قريش يوم بدر ورجع فلهم (٦) إلى مكة مشى صفوان بن امية وعكرمة بن أبي جهل في رجال من قريش اصيب آباؤهم وإخوانهم ببدر ، فكلموا أباسفيان بن حرب ومن كانت له في تلك العير تجارة ، فقالوا : يامعشر قريش إن محمدا وتركم ، وقتل خياركم فأعينونا بهذا المال الذي افلت على حربه لعلنا أن ندرك منه ثارا بمن اصيب منا ، ففعلوا فأنزل الله فيهم هذه الآية ، رواه محمد بن إسحاق عن رجاله.
__________________
(١) في المصدر : فلم يعارضوا سورة.
(٢) أنوار التنزيل ١ : ٤٧٣ و ٤٧٤.
(٣) الاحابيش : الجماعة من الناس ليسوا من قبيلة واحدة.
(٤) استجاشه : طلب منه الجيش. منه.
(٥) في المصدر : وكانوا اثنى عشر رجلا : أبوجهل بن هشام ، وعتبة وشيبة ابنا ربيعة بن عبد شمس ، ونبيه ومنبه ابنا الحجاج ، وأبوالبخترى بن هشام ، والنضر بن الحارث ، وحكيم بن حزام ، وابى بن خلف ، وزمعة بن الاسود ، والحارث بن عامر بن نوفل ، والعباس بن عبدالمطلب ، و كلهم من قريش ، وكان كل يوم يطعم واحد منهم عشر جزر ، وكانت النوبة يوم الهزيمة للعباس.
(٦) فل القوم : منهزموهم. منه.