الحضرمي يعلم خديجة ، وتعلم خديجة محمدا (ص) ، وقيل : كان بمكة نصراني أعجمي اللسان اسمه بلعام ، ويقال : ابن ميسرة ، يتكلم بالرومية ، وقيل : سلمان الفارسي.
قوله تعالى : « لسان الذي يلحدون إليه » أي يميلون القول إليه « أعجمي » قال أبوالفتح الموصلي : تركيب ع ج م وضع في كلام العرب للابهام والاخفاء وضد البيان ، وعجم الزبيب يسمى لاختفائه ، والعجماء : البهيمة ، لانها لا توضح ما في نفسها ، ثم إن العرب تسمى كل من لا يعرف لغة (١) ولا يتكلم بلسانهم أعجمي ، قال الفراء وأحمد بن يحيى : الاعجم : الذي في لسانه عجمة وإن كان من العرب ، ألا ترى أنهم قالوا : زياد الاعجم ، لانه كانت في لسانه عجمة ، مع أنه كان عربيا.
وأما تقرير الجواب فاعلم أنه إنما يظهر إذا قلنا : إن القرآن إنما كان معجزا لما فيه من الفصاحة العائدة إلى اللفظ ، وكأنه قيل : هب إنه يتعلم المعاني من ذلك الاعجمي إلا أن القرآن إنما كان معجزا لما في ألفاظه من الفصاحة ، فبتقدير أن يكونوا صادقين في أن محمدا (ص) يتعلم تلك المعاني من ذلك الرجل إلا أن ذلك لا يقدح في المقصود لان القرآن إنما كان معجزا لفصاحته اللفظية (٢).
قوله : « وما منعنا أن نرسل بالآيات » قال الرازى فيه وجوه :
الاول : أن المعنى أنه لو أظهر تلك المعجزات ثم لم يؤمنوا بها بل بقوا مصرين على كفرهم فحينئذ يصيرون مستحقين لعذاب الاستيصال ، وهو على هذه الامة غير جائز ، لان الله تعالى علم منهم (٣) من سيؤمن أو يؤمن أولادهم ، فلذا ما أجابهم الله تعالى إلى مطلوبهم ، وما أظهر تلك المعجزات ، روى ابن عباس أن أهل مكة سألوا الرسول أن يجعل الصفا ذهبا ، وأن يزيل عنهم الجبال حتى يزرعوا تلك الاراضي ، فطلب الرسول ذلك من الله تعالى فقال الله تعالى : إن شئت فعلت ذلك لكن لو أنهم كفروا أهلكتهم ، فقال الرسول : لا اريد ذلك.
__________________
(١) في المصدر : لغتهم.
(٢) مفاتيح الغيب ٥ : ٣٥٠.
(٣) في المصدر : علم أن فيهم من سيؤمن.