وسألت أباسعيد الخدري عن ذلك فقال : التقينا مع رسول الله (ص) ومشركوا العرب ، والتقت الروم وفارس ، فنصرنا الله على مشركي العرب ، ونصر أهل الكتاب على المجوس ، ففرحنا بنصر الله إيانا على مشركي العرب ، ونصر أهل الكتاب على المجوس ، فذلك قوله : « ويومئذ يفرح المؤمنون بنصر الله » وقال سفيان الثوري : سمعت أنهم ظهروا يوم بدر ، وقال مقاتل : لما كان يوم بدر غلب المسلمون كفار مكة ، وأخبر الله رسوله أن الروم غلبت فارسا ، ففرح المؤمنون بذلك ، وروي أنهم استردوا بيت المقدس : وأن ملك الروم مشى إليه شكرا ، بسطت له الرياحين فمشى عليها ، وقال الشعبي : لم تمض تلك المدة التي عقدها أبوبكر مع ابي بن خلف حتى غلب الروم فارسا وربطوا خيولهم بالمدائن : وبنوا الرومية ، فأخذ أبوبكر الخطر (١) من ورثته ، وجاء به إلى رسول الله (ص) فتصدق به ، وروي أن أبابكر لما أراد الهجرة تعلق به ابي وأخذ ابنه عبدالله بن أبي بكر كفيلا فلما أراد أن يخرج ابي إلى حرب احد تعلق به عبدالله بن أبي بكر وأخذ منه ابنه كفيلا وجرح ابي في احد وعاد إلى مكة ومات من تلك الجراحة ، جرحه رسول الله (ص) وجاءت الرواية عن النبي (ص) أنه قال : لفارس نطحة أو نطحتان (٢) ، ثم لا فارس بعدها أبدا ، والروم ذات القرون ، كلما ذهب قرن خلف قرن هبهب (٣) إلى آخر الابد انتهى (٤).
قوله تعالى : « ويرى الذين اوتوا العلم » أي أهل الكتابين ، أو مطلق أهل العلم.
قوله تعالى : « الله نزل أحسن الحديث » قال الطبرسي رحمهالله : هو أحسن الحديث لفرط فصاحته ، ولاعجازه ، ولاشتماله على جميع ما يحتاج إليه المكلف من التنبيه على أدلة التوحيد والعدل ، وبيان أحكام الشرع وغير ذلك من المواعظ وقصص الانبياء و الترغيب والترهيب « كتابا متشابها » يشبه بعضه بعضا ، ويصدق بعضه بعضا ، ليس فيه
___________________
(١) الخطر : ما يراهن عليه.
(٢) من نطح الثور ونحوه : أصابه بقرنه.
(٣) الهبهب : السريع وهبهب السراب : ترقرق.
(٤) مجمع البيان ٨ : ٢٩٤ ـ ٢٩٦.