على ذلك بسائر شهدائكم ، ثم بين أنهم لا يقدرون عليه بقوله : « قل لئن اجتمعت الانس والجن على أن يأتوا بمثل هذا القرآن لا يأتون بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا (١) » ثم قال الله تعالى : « الم » هو القرآن الذي افتتح بالم ، هو « ذلك الكتاب » الذي أخبرت به موسى ، ومن بعده من الانبياء ، وأخبروا بني إسرائيل أني سانزله (٢) عليك يامحمد كتابا عربيا عزيزا لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه ، تنزيل من حكيم حميد « لا ريب فيه » لا شك فيه لظهوره عندهم ، كما أخبرهم أنبياؤهم أن محمدا ينزل عليه الكتاب لا يمحوه الماء يقرأه هو وامته على سائر أحوالهم « هدى » بيان من الضلالة « للمتقين » الذين يتقون الموبقات ، ويتقون تسليط السفه على أنفسهم ، حتى إذا علموا ما يجب عليهم علمه عملوا بما يوجب لهم رضا ربهم.
قال : وقال الصادق (ع) ثم الالف حرف من حروف قولك : الله ، دل بالالف على قولك الله ودل باللام على قولك : الملك العظيم القاهر للخلق أجمعين ، ودل بالميم على أنه المجيد المحمود في كل أفعاله ، وجعل هذا القول حجة على اليهود ، وذلك أن الله لما بعث موسى بن عمران (ع) ثم من بعده من الانبياء إلى بني إسرائيل لم يكن فيهم أحد إلا أخذ عليهم العهود والمواثيق ليؤمنن بمحمد العربي الامي والمبعوث بمكة ، الذي يهاجر إلى المدينة ، يأتي بكتاب بالحروف المقطعة افتتاح بعض سوره ، يحفظه امته (٣) فيقرؤونه قياما وقعودا ومشاة (٤) وعلى كل الاحوال ، يسهل الله حفظه عليهم ، ويقرن بمحمد أخاه و وصيه علي بن أبي طالب ، الآخذ عنه علومه التي علمها ، والمتقلد عنه الامانة التي قلدها ومذلل كل من عاند محمدا بسيفه الباتر ، ومفحم كل من جادله وخاصمه بدليله القاهر ، يقاتل عباد الله على تنزيل كتاب محمد (ص) (٥) حتى يقودهم إلى قبوله طائعين وكارهين (٦) ،
___________________
(١) الاسراء : ٨٨.
(٢) في المصدر : سانزل.
(٣) وامته خ ل.
(٤) في المصدر : ومساءا أو صباحا.
(٥) في المصدر : كتاب الله.
(٦) أو كارهين خ ل.