أصواتهم أعلى من أصواتنا ، فلما فرغوا أجازهم (١) رسول الله (ص) فأحسن جوائزهم و أسلموا عن ابن إسحاق ، وقيل : إنهم ناس من بني العنبر كان النبي (ص) أصاب من ذراريهم ، فأقبلوا في فدائهم فقدموا المدينة ، ودخلوا المسجد ، وعجلوا أن يخرج إليهم النبي صلىاللهعليهوآله ، فجعلوا يقولون : يامحمد اخرج إلينا ، عن أبي حمزة الثمالي ، عن عكرمة ، عن ابن عباس
« بين يدي الله ورسوله » بين اليدين عبارة عن الامام ، ومعناه لا تقطعوا أمرا دون الله ورسوله ، ولا تعجلوا به ، وقدم هاهنا بمعنى تقدم وهو لازم ، وقيل : معناه لا تمكنوا أحدا يمشي أمام رسول الله (ص) ، بل كونوا تبعا له وأخروا أقوالكم وأفعالكم عن قوله و فعله ، وقال الحسن : نزل في قوم ذبحوا الاضحية قبل العيد فأمرهم رسول الله (ص) بالاعادة ، وقال ابن عباس : نهوا أن يتكلموا قبل كلامه ، أي إذا كنتم جالسين في مجلس رسول الله (ص) فسئل عن مسألة فلا تسبقوه بالجواب حتى يجيب النبي (ص) أولا ، وقيل : معناه لا تسبقوه بقول ولا فعل حتى يأمركم به ، والاولى حمل الآية على الجميع « لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي » لان فيه أحد شيئين : إما نوع استخفاف به فهو الكفر ، وإما سوء الادب فهو خلاف التعظيم المأمور به « ولا تجهروا له بالقول » أي غضوا أصواتكم عند مخاطبتكم إياه وفي مجلسه ، فإنه ليس مثلكم إذ يجب تعظيمه وتوقيره من كل وجه ، وقيل : معناه لا تقولوا له : يامحمد كما يخاطب بعضكم بعضا ، بل خاطبوه بالتعظيم والتبجيل ، وقولوا : يارسول الله « أن تحبط أعمالكم » أي كراهة أن تحبط ، أو لئلا تحبط « وأنتم لا تشعرون » أنكم أحبطتم أعمالكم بجهر صوتكم على صوته ، وترك تعظيمه « إن الذين يغضون أصواتهم عند رسول الله » أي يخفضون أصواتهم في مجلسه إجلالا له ، « اولئك الذين امتحن الله قلوبهم للتقوى » أي اختبرها فأخلصها للتقوى وقيل : معناه إنه علم خلوص نياتهم ، وقيل : معناه عاملهم معاملة المختبر بما تعبدهم به من هذه العبادة فخلصوا على الاختبار كما يخلص جيد الذهب بالنار « لهم مغفرة » من الله لذنوبهم « وأجر عظيم » على طاعاتهم « إن الذين ينادوتك من وراء الحجرات » ، وهم
___________________
(١) أى أعطاهم الجائزة.