عبس « ٨٠ » : عبس وتولى * أن جاءه الاعمى * وما يدريك لعله يزكي * أو يذكر فتنفعه الذكرى * أما من استغنى * فأنت له تصدى * وما عليك ألا يزكى * وأما من جاءك يسعى * وهو يخشى * فأنت عنه تلهى * كلا إنها تذكرة * فمن شاء ذكره ١ ـ ١٢.
تفسير : قوله : « لئن اتبعت أهواءهم » هذه الشرطية لا تنافي عصمته (ص) ، فإنها تصدق مع استحالة المقدم أيضا ، والغرض منه يأسهم عن أن يتبعهم (ص) في أهوائهم الباطلة ، وقطع أطماعهم عن ذلك ، والتنبيه على سوء حالهم ، وشدة عذابهم ، لان النبي مع غاية قربه في جنابه تعالى إذا كان حاله على تقدير هذا الفعل كذلك فكيف يكون حال غيره ، كما ورد أنه نزل القرآن بإياك أعني واسمعي ياجارة.
قوله تعالى : « فلا تكونن من الممترين » قال البيضاوي : أي الشاكين في أنه هل من ربك ، أو في كتمانهم الحق عالمين به ، وليس المراد به نهي الرسول(ص) عن الشك فيه ، لانه غير متوقع منه ، وليس بقصد واختيار ، بل إما تحقيق الامر وأنه لا يشك فيه ناظر ، أو أمر الامة باكتساب المعارف المزيحة للشك على الوجه الابلغ (١).
وقال في قوله تعالى : « ليس لك من الامر شئ » اعتراض « أو يتوب عليهم أو يعذبهم » عطف على قوله : « أو يكبتهم » والمعني أن الله مالك أمرهم ، فإما يهلكهم ، أو يكبتكم ، أو يتوب عليهم إن أسلموا ، أو يعذبهم إن أصروا ، وليس لك من أمرهم شئ ، وإنما أنت عبد مأمور لانذارهم وجهادهم ، ويحتمل أن يكون معطوفا على الامر ، أو شئ بإضمار ( أن ) أي ليس لك من أمرهم أو من التوبة عليهم أو من تعذيبهم شئ ، أو ليس لك من أمرهم شئ ، أو التوبة عليهم أو تعذيبهم ، وأن تكون ( أو ) بمعني ( إلا أن ) أي ليس لك من أمرهم شئ إلا أن يتوب عليهم فتسر به ، أو يعذبهم فتشتفي منهم ، روي أن عتبة ابن أبي وقاص شجه يوم احد وكسر رباعيته ، فجعل يمسح الدم عن وجهه ويقول : كيف يفلح قوم خضبوا وجه نبيهم بالدم؟ فنزلت ، وقيل : هم أن يدعو عليهم فنهاه الله لعلمه بأن فيهم من يؤمن « فإنهم ظالمون » قد استحقوا التعذيب بظلمهم انتهى (٢).
___________________
(١) أنوار التنزيل ١ : ١٢٢
(٢) أنوار التنزيل ١ : ٢٣١.