الاول : أنها دلت على أنه (ص) قرب من أن يفتري على الله ، والفرية على الله من أعظم الذنوب.
الثاني : أنها تدل على أنه لولا أن الله تعالى ثبته وعصمه لقرب أن يركن إلى دينهم.
الثالث : أنه لولا سبق جرم وجناية لم يحتج إلى ذكر هذا الوعيد الشديد.
والجواب عن الاول : أن (كاد) معناه المقاربة ، فكان معنى الآية أنه قرب وقوعه في الفتنة ، وهذا لا يدل على الوقوع.
وعن الثاني أن كلمة (لولا) تفيد انتفاء الشئ ، لثبوت غيره ، تقول : لولا علي لهلك عمر ، ومعناه أن وجود علي عليهالسلام منع من حصول الهلاك لعمر ، فكذلك ههنا فقوله : « ولولا أن ثبتناك » معناه لولا حصل تثبيت الله لك يامحمد ، فكان تثبيت الله مانعا من حصول ذلك الركون.
وعن الثالث أن التهديد على المعصية لا يدل على الاقدام عليها ، والدليل عليه آيات منها قوله تعالى : « ولو تقول علينا بعض الاقاويل لاخذنا منه باليمين (١) » الآيات ، وقوله تعالى : « لئن أشركت (٢) » وقوله : « ولا تطع الكافرين (٣) » انتهى (٤).
وقال الطبرسي رحمهالله في قوله تعالى : « ولئن شئنا لنذهبن بالذي أوحينا إليك » يعني القرآن ، ومعناه إني أقدر أن آخذ ما أعطيتك كما منعته غيرك ، ولكن دبرتك بالرحمة لك فأعطيتك ما تحتاج إليه ، ومنعتك ما لا تحتاج إلى النص عليه (٥) « ثم لا تجد لك به علينا وكيلا » أي ثم لو فعلنا ذلك لم تجد علينا وكيلا يستوفي ذلك منا (٦).
___________________
(١) الحاقة : ٤٤.
(٢) الزمر : ٦٥.
(٣) الاحزاب : ١.
(٤) مفاتيح الغيب ٥ : ٤٢٠.
(٥) زاد في المصدر بعد ذلك : وإن توهم قوم أنه مما تحتاج إليه فتدبر أنت بتدبير ربك وارض بما اختاره لك.
(٦) مجمع البيان ٦ : ٤٣٨.