ذنبك وما تأخر (١) » قال الرضا (ع) : لم يكن أحد عند مشركي أهل مكة أعظم ذنبا من رسول الله (ص) ، لانهم كانوا يعبدون من دون الله ثلاثمائة وستين صنما ، فلما جاءهم بالدعوة إلى كلمة الاخلاص كبر ذلك عليهم وعظم ، وقالوا : « أجعل الآلهة إلها واحدا إن هذا لشئ عجاب * وانطلق الملا منهم أن امشوا واصبروا على آلهتكم إن هذا الشئ يراد * ما سمعنا بهذا في الملة الآخرة إن هذا إلا اختلاق (٢) » فلما فتح الله عزوجل على نبيه محمد (ص) مكة قال له يامحمد : « إنا فتحنا لك » مكة (٣) « فتحا مبينا * ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر » عند مشركي أهل مكة بدعاءك إلى توحيد الله عز وجل فيما تقدم وما تأخر ، لان مشركي مكة أسلم بعضهم وخرج بعضهم عن مكة ، ومن بقي منهم لم يقدر على إنكار التوحيد عليه إذا دعا الناس إليه ، فصار ذنبه عندهم في ذلك مغفورا بظهوره عليهم (٤) ، فقال المأمون : لله درك يا أبا الحسن ، فأخبرني عن قول الله عزوجل : « عفا الله عنك لم أذنت لهم » قال الرضا عليهالسلام : هذا مما نزل بإياك أعني و اسمعي ياجارة ، خاطب الله عزوجل بذلك نبيه صلىاللهعليهوآله وأراد به امته ، وكذلك قوله عزوجل : « لئن أشركت ليحبطن عملك ولتكونن من الخاسرين » وقوله عزوجل : « ولولا أن ثبتناك لقد كدت تركن إليهم شيئا قليلا » قال : صدقت يا ابن رسول الله الخبر (٥).
٢١ ـ فر : جعفر بن محمد بن بشرويه القطان ، عن محمد بن إبراهيم الرازي ، عن ابن مسكان ، عن ابن سنان ، عن أبي عبدالله ، عن أمير المؤمنين علي (ع) (٦) قال : لما نزلت على رسول الله (ص) « ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر » قال : ياجبرئيل ما الذنب الماضي؟ وما الذنب الباقي؟ قال جبرئيل : ليس لك ذنب يغفرها لك (٧).
___________________
(١) أشرنا إلى موضع الاية قبلا.
(٢) ص : ٥ ـ ٧.
(٣) المصدر خال عن قوله : مكة.
(٤) لا ينافى هذا المعنى ما تقدم في الخبر السابق لان ارادة الجميع ممكن.
(٥) عيون أخبار الرضا : ١٠٨ ـ ١١٢. والايات قد أشرنا إلى موضعها في صدر الباب.
(٦) في المصدر : عن أبى عبدالله ، عن أبيه ، عن آبائه عليهمالسلام عن أمير المؤمنين على عليهالسلام.
(٧) تفسير فرات : ١٥٩.