بيان : لعل المعنى أنه ليس المراد ذنبك إذ ليس لك ذنب ، بل ذنوب امتك ، أو نسبتهم إليك بالذنب ، أو غير ذلك مما مر.
أقول : قد مضت دلائل عصمته (ص) في كتاب أحوال الانبياء (ع) وسيأتي في كتاب الامامة ، وسائر أبواب هذا المجلد مشحون بالاخبار والآيات الدالة عليها ، و الامر أوضح من أن يحتاج إلى البيان ، فلذا اكتفينا في هذا الباب بتأويل بعض ما يوهم خلاف ذلك والله المستعان.
تذنيب : قال السيد المرتضى قدس الله روحه في التنزيه فإن قيل : ما معنى قوله تعالى : « ووجدك ضالا فهدى » قلنا : في معنى هذه الآية أجوبة :
أولها : أنه أراد وجدك ضالا عن النبوة فهداك إليها ، أو عن شريعة الاسلام التي نزلت عليه وامر بتبليغها إلى الخلق ، وبإرشاده (ص) إلى ما ذكرناه أعظم النعمة عليه ، فالكلام في الآية خارج مخرج الامتنان والتذكير بالنعم (١).
وثانيها : أن يكون أراد الضلال عن المعيشة ، وطريق التكسب ، يقال للرجل الذي لا يهتدي طريق معيشته ووجه مكسبه : هو ضال لا يدري ما يصنع ، ولا أين يذهب فامتن الله عليه بأن رزقه وأغناه وكفاه.
وثالثها : وجدك ضالا بين مكة والمدينة عند الهجرة فهداك وسلمك من أعدائك ، وهذا الوجه قريب (٢) لولا أن السورة مكية ، إلا أن يحمل على أن المراد سيجدك (٣) على مذهب القرب في حمل الماضي على المستقبل.
ورابعها : وجدك مضلولا عنك في قوم لا يعرفون حقك فهداهم إلى معرفتك ، يقال : فلان ضال في قومه وبين أهله إذاكان مضلولا عنه.
___________________
(١) زاد في المصدر : وليس لاحد أن يقول : ان الظاهر بخلاف ذلك لانه لابد في الظاهر من تقدير محذوف يتعلق به الضلال ، لان الضلال هو الذهاب والانصراف ، فلابد من أمر يكون منصرفا عنه ، فمن ذهب إلى أنه أراد الذهاب عن الدين فلا بد له من أن يقدر هذه اللفظة ثم يحذفها ليتعلق بها لفظ الضلال ، وليس هو في ذلك أولى منا فيما قدرناه وحذفناه.
(٢) أو وجدك ضالا حين حملتك حليمة إلى مكة كما تقدم قصتها سابقا.
(٣) في المصدر : لولا أن السورة مكية وهى مقدمة للهجرة إلى المدينة ، اللهم الا أن يحمل قوله تعالى : « وجدك » على أنه سيجدك.