علينا الحساب (١).
« إنا أوحينا إليك كما أوحينا » : قال البيضاوي : جواب لاهل الكتاب عن اقتراحهم أن ينزل عليهم كتابا من السماء واحتجاج عليهم بأن أمره في الوحي كسائر الانبياء « لكن الله يشهد » استدراك عن مفهوم ما قبله ، وكأنه لما تعنتوا عليه بسؤال كتاب ينزل عليهم من السماء ، واحتج عليهم بقوله : « إنا أوحينا إليك » قال : إنهم لا يشهدون ولكن الله يشهد ، أو إنهم أنكروه ولكن الله يثبته ويقرره « بما أنزل إليك » من القرآن المعجز الدال على نبوتك ، روي أنه لما نزلت « إنا أوحينا إليك » قالوا : ما نشهد لك ، فنزلت ، « أنزله بعلمه » أنزله متلبسا بعلمه الخاص به ، وهو العلم بتأليفه على نظم يعجز عنه كل بليغ ، أو بحال من يستعد النبوة ويستأهل نزول الكتاب عليه ، أو بعلمه الذي يحتاج إليه الناس في معاشهم ومعادهم « والملائكة يشهدون » أيضا بنبوتك « وكفى بالله شهيدا » أي وكفى بما أقام من الحجج على صحة نبوتك عن الاستشهاد بغيره (٢).
قوله تعالى : « بلغ ما انزل إليك من ربك » أقول : سيأتي أنها نزلت في ولاية أمير المؤمنين عليهالسلام.
« والله يعلم ما تبدون وما تكتمون » أي من تصديق أو تكذيب أو الاعم.
قوله تعالى : « قل أغير الله » قال الطبرسي رحمهالله : قيل : إن أهل مكة قالوا لرسول الله (ص) : يا محمد تركت ملة قومك وقد علمنا أنه لا يحملك على ذلك إلا الفقر ، فإنا نجمع لك من أموالنا حتى تكون من أغنانا ، فنزلت (٣).
قوله تعالى : « قد نعلم أنه ليحزنك الذي يقولون » قال الطبرسي رحمهالله ، أي ما يقولون : إنك شاعر أو مجنون ، وأشباه ذلك « فإنهم لا يكذبونك » قرأ نافع والكسائي والاعشي عن أبي بكر «لا يكذبونك» بالتخفيف ، وهو قراءة علي عليهالسلام والمروي عن الصادق عليهالسلام ، والباقون بفتح الكاف والتشديد ، واختلف في معناه على وجوه : أحدها : لا يكذبونك بقلوبهم اعتقادا ، وإن كانوا يظهرون بأفواههم التكذيب عنادا
__________________
(١) انوار التنزيل ١ : ٢٢.
(٢) انوار التنزيل ١ : ٣١٧ و ٣١٨.
(٣) مجمع البيان ٤ : ٢٧٩.