عاجلا غير رائث ، نافعا غير ضار ، تملا به الضرع ، وتنبت به الزرع ، وتحيي به الارض بعد موتها فما رد يده إلى نحره حتى أحدق السحاب بالمدينة كالاكليل ، وألقت السماء بأرواقها وجاء أهل البطاح يصيحون (١) : يا رسول الله الغرق الغرق ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوآله : « اللهم حوالينا ولا علينا » فانجاب السحاب عن السماء ، فضحك رسول الله (ص) وقال : لله در أبي طالب ، لو كان حيا لقرت عيناه ، من ينشدنا قوله؟ فقام عمر فقال : عسى أردت يا رسول الله :
وما حملت من ناقة فوق ظهرها |
|
أبر وأوفى ذمة من محمد |
فقال رسول الله صلىاللهعليهوآله : ليس هذا من قول أبي طالب هذا من قول حسان بن ثابت ، فقام علي بن أبي طالب عليهالسلام فقال : كأنك أردت يا رسول الله.
وأبيض يستسقى الغمام بوجهه |
|
ربيع اليتامى عصمة للارامل |
تلوذ به الهلاك من آل هاشم |
|
فهم عنده في نعمة وفواضل |
كذبتم وبيت الله : يبزى (٢) محمد |
|
ولما نماصع دونه ونقاتل |
ونسلمه حتى نصرع حوله |
|
ونذهل عن أبنائنا والحلائل |
فقال رسول الله : أجل ، فقام رجل من بني كنانة فقال :
لك الحمد والحمد ممن شكر |
|
سقينا بوجه النبي المطر |
دعا الله خالقه دعوة |
|
وأشخص منه إليه البصر |
فلم يك إلا كألقى الرداء |
|
وأسرع حتى أتانا الدرر |
دفاق العزائل جم البعاق |
|
أغاث به الله عليا مضر |
فكان كما قاله عمه |
|
أبوطالب ذا رواء أغر (٣) |
به الله يسقي صيوب الغمام |
|
فهذا العيان وذاك الخبر |
__________________
(١) في المصدر : يضجون.
(٢) في المجالس : نبزى ، وهو الموافق لما في سيرة ابن هشام. وفيه وفى السيرة ايضا : ولما نطاعن. قوله : يبزى أى يقهر ونماصع أى تقاتل ونجالد.
(٣) في المجالس : إذ رآه أغر.