ويعذبونهم ، فافتتن من افتتن ، وعصم الله منهم من شاء ، ومنع الله ورسوله بعمه أبي طالب فلما رأى رسول الله ما بأصحابه ولم يقدر على منعهم ولم يؤمر بعد بالجهاد أمرهم بالخروج إلى أرض الحبشة ، وقال : إن بها ملكا صالحا لا يظلم ولا يظلم عنده أحد ، فاخرجوا إليه حتى يجعل الله عزوجل للمسلمين فرجا ، وأراد به النجاشي واسمه أصحمة (١) ، وإنما النجاشي اسم الملك ، كقولهم : كسرى وقيصر ، فخرج إليها سرا أحد عشر رجلا ، و أربع نسوة ، وهم عثمان بن عفان ، وامرأته رقية بنت رسول الله (ص) ، والزبير بن العوام وعبدالله بن مسعود ، وعبدالرحمان بن عوف ، وأبوحذيفة بن عتبة ، وامرأته سهلة بنت سهيل بن عمرو ، ومصعب بن عمير ، وأبوسلمة بن عبدالاسد ، وامرأته ام سلمة بنت أبي امية ، وعثمان بن مظعون ، وعامر بن ربيعة ، وامرأته ليلى بنت أبي خيثمة ، وحاطب بن عمرو ، وسهيل بن بيضاء ، فخرجوا إلى البحر وأخذوا سفينة إلى أرض الحبشة بنصف دينار ، و ذلك في رجب في السنة الخامسة من مبعث رسول الله ، وهذه هي الهجرة الاولى ، ثم خرج جعفر بن أبي طالب ، رضياللهعنه وتتابع المسلمون إليها ، وكان جميع من هاجر من المسلمين إلى الحبشة اثنين وثمانين رجلا سوى النساء والصبيان ، فلما علمت قريش بذلك وجهواعمرو بن العاص وصاحبه عمارة بن الوليد بالهدايا إلى النجاشي وإلى بطارقته (٢) ليردوهم إليهم ، وكان عمارة بن الوليد شابا حسن الوجه ، وأخرج عمرو بن العاص أهله معه ، فلما ركبوا السفينة شربوا الخمر ، فقال عمارة لعمرو بن العاص : قل لاهلك : تقبلني ، فأبى ، فلما انتشى (٣) عمرو دفعه عمارة في الماء ونشب (٤) عمرو في صدر السفينة واخرج من الماء ، وألقى الله بينهما العداوة في مسيرهما قبل أن يقدما إلى النجاشي ، ثم وردا على النجاشي فقال عمرو بن العاص : أيها الملك إن قوما خالفونا في ديننا ، وسبوا آلهتنا ، وصاروا إليك ، فردهم إلينا ، فبعث النجاشي إلى جعفر فجاء وقال : أيها الملك سلهم أنحن عبيد لهم؟ فقال : لابل أحرار ، فقال : سلهم ألهم علينا ديون يطالبوننا بها؟ قال : لا مالنا
__________________
(١) زاد في المصدر بعد ذلك : وهو بالحبشية عطية.
(٢) البطريق : القائد من قواد الجيش.
(٣) اى سكر.
(٤) أى علق.