خالفوه فهو في عز ومنعة. فقال له عبدالله بن حزام وأسعد بن زرارة وأبوالهيثم بن التيهان : مالك وللكلام؟ يا رسول الله! بل دمنا بدمك ، وأنفسنا بنفسك فاشترط لربك ولنفسك ما شئت ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوآله : أخرجوا إلي منكم اثني عشر نقيبا يكفلون عليكم بذلك ، كما أخذ موسى عليهالسلام من بني إسرائيل اثني عشر نقيبا ، فقالوا : اختر من شئت ، فأشار جبرئيل إليهم ، فقال : هذا نقيب ، وهذا نقيب ، وهذا نقيب حتى اختار تسعة من الخزرج ، وهم أسعد بن زرارة ، والبراء بن معرور ، وعبدالله بن حزام(١) أبوجابر بن عبدالله ، ورافع بن مالك ، وسعد بن عبادة ، والمنذر بن عمرو وعبدالله بن رواحة ، وسعد بن الربيع ، وعبادة بن الصامت ، وثلاثة من الاوس وهم أبوالهيثم بن التيهان ، وكان رجلا من اليمن ، حليفا في بني عمرو بن عوف ، وأسيد ابن حضير ، وسعد بن خيثمه ، فلما اجتمعوا وبايعوا رسول الله صاح بهم إبليس : يا معشر قريش والعرب هذا محمد والصباة(٢) من الاوس والخزرج على جمرة العقبة يبايعونه على حربكم فأسمع أهل منى فهاجت قريش وأقبلوا بالسلاح وسمع رسول الله النداء فقال للانصار : تفرقوا ، فقالوا : يا رسول الله إن أمرتنا أن نميل عليهم بأسيافنا فعلنا ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوآله : لم أؤمر بذلك ولم يأذن الله لي في محاربتهم ، فقالوا : يا رسول الله فتخرج معنا ، قال : أنتظر أمر الله ، فجاءت قريش على بكرة أبيها قد أخذوا السلاح ، وخرج حمزة ومعه السيف فوقف على العقبة هو وعلي بن أبي طالب ، فلما نظروا إلى حمزة قالوا : ما هذا الذي اجتمعتم عليه؟ قال : ما اجتمعنا ، وما ههنا أحد ، والله لا يجوز أحد هذه العقبة إلا ضربته بسيفي ، فرجعوا وغدوا إلى عبدالله بن أبي وقالوا له : قد بلغنا أن قومك بايعوا محمدا على حربنا ، فحلف لهم عبدالله أنهم
____________________
(١) تقدم أن الصحيح : حرام.
(٢) قال الجزرى في النهاية : كانت العرب تسمى النبى صلىاللهعليهوآله الصابى لانه خرج من دين قريش إلى دين الاسلام ، ويسمون من يدخل في الاسلام مصبوا ، لانهم كانوا لا يهمزون. فأبدلوا من الهمزة واوا ، ويسمون المسلمين الصباة بغير همز كانه جمع الصابى غير مهموز ، كقاض وقضاة ، وغاز وغزاة.