فيرضون عند ذلك بالدية فيعطون عشر ديات ، فقال النبي صلىاللهعليهوآله لاصحابه : لا يخرج الليلة أحد من داره(١) ، فلما نام الرسول قصدوا جميعا إلى باب عبدالمطلب ، فقال لهم أبولهب : يا قوم إن في هذه الدار نساء بني هاشم وبناتهم ، ولانأ من أن تقع يد خاطئة إذا وقعت الصيحة عليهن فيبقى ذلك علينا مسبة وعارا إلى آخر الدهر في العرب ، ولكن اقعدوا بنا جميعا على الباب نحرس محمدا في مرقده(٢) ، فإذا طلع الفجر تواثبنا إلى الدار فضربناه ضربة رجل واحد وخرجنا ، فإلى أن تجتمع الناس(٣) ، وقد أضاء الصبح فيزول عنا العار عند ذلك فقعدوا بالباب يحرسونه ، قال علي عليهالسلام : فدعاني رسول الله صلىاللهعليهوآله فقال : إن قريشا دبرت كيت وكيت(٤) في قتلي ، فنم على فراشي حتى أخرج أنا من مكة ، فقد أمرني الله بذلك ، فقلت له : السمع والطاعة ، فنمت على فراشه ، وفتح رسول الله صلىاللهعليهوآله الباب وخرج عليهم وهم جميعا جلوس ينتظرون الفجر ، وهو يقول : « وجعلنا من بين أيديهم سدا ومن خلفهم سدا فأغشيناهم فهم لا يبصرون(٥) » ومضى وهم لا يرونه ، فرأى أبابكر قد خرج في الليل يتجسس من خبره ، وقد كان وقف على تدبير قريش من جهتهم فأخرجه معه إلى الغار ، فلما طلع الفجر تواثبوا إلى الداروهم يظنون أني محمد صلىاللهعليهوآله ، فوثبت في وجوههم وصحت بهم ، فقالوا : علي؟ قلت : نعم ، قالوا : وأين محمد؟ قلت : خرج من بلدكم ، قالوا : إلى أين خرج : قلت : الله أعلم ، فتركوني وخرجوا ، فاستقبلهم أبوكرز الخزاعي وكان عالما بقصص الآثار ، فقالوا : يا أبا كرز اليوم نحب أن تساعدنا في قصص أثر محمد ، فقد خرج
____________________
(١) فيه إيعاز إلى أن ابابكر خرج من داره بعد ما نهاء صلىاللهعليهوآله عن ذلك.
(٢) المرقد : المضجع.
(٣) في نسخة : فلما اجتمع الناس.
(٤) كيت وكيت بفتح التاء وقد يكسر : يكنى بهما عن الحديث والخبر وتستعملان بلا واو أيضا ولا تستعملان إلا مكررتين.
(٥) يس : ٩.