عن البلد ، فوقف على باب الدار فنظر إلى أثر رجل محمد صلىاللهعليهوآله ، فقال : هذه أثر قدم محمد ، وهي والله اخت القدم التي في المقام ، ومضى به على أثره حتى إذا صار إلى الموضع الذي لقيه فيه أبوبكر ، قال : هنا قد صار مع محمد آخر ، وهذه قدمه ، إما أن تكون قدم أبي فحافة أو قدم ابنه ، فمضى على ذلك إلى باب الغار ، فانقطع عنه الاثر ، وقد بعث الله قبجة(١) فباضت على باب الغار ، وبعث الله العنكبوت فنسجت على باب الغار ، فقال : ما جاز محمد هذا الموضع ، ولا من معه ، إما أن يكونا صعدا إلى السماء أو نزلا في الارض ، فإن باب هذا الغار كما ترون عليه نسج العنكبوت ، والقبجة حاضنة على بيضها بباب الغار(٢) ، فلم يدخلوا الغار ، وتفرقوا في الجبل يطلبونه.
ومنها : أن أبابكر اضطرب في الغار اضطرابا شديدا خوفا من قريش فأراد الخروج إليهم ، فقعد واحد من قريش مستقبل الغار يبول ، فقال أبوبكر : هذا قد رآنا ، قال : كلا لو رآنا ما استقبلنا بعورته ، وقال له النبي (ص) : « لا تخف إن الله معنا » لن يصلوا إلينا فلم يسكن اضطرابه ، فلما رأى صلىاللهعليهوآله ذلك منه رفس(٣) ظهر الغار فانفتح منه باب إلى بحر وسفينة ، فقال له : اسكن الآن ، فإنهم إن دخلوا من باب الغار خرجنا من هذا الباب وركبنا السفينة ، فسكن عند ذلك ، فلم يزالوا إلى أن يمسوا في الطلب فيئسوا وانصرفوا ، ووافى ابن الاريقط بأغنام يرعاها إلى باب الغار وقت الليل يريد مكة بالغنم ، فدعاه رسول الله صلىاللهعليهوآله وقال : أفيك مساعدة لنا؟ قال : إي والله ، فوالله ما جعل الله هذه القبجة على باب الغار حاضنة لبيضها ، ولا نسج العنبكوت عليه إلا وأنت صادق ، فأنا أشهد أن لا إله إلا الله ، وأن محمدا رسول الله ، (٤) فقال : الحمد لله على هدايتك ، فصر الآن إلى علي فعرفه موضعنا ، ومر بالغنم إلى أهلها إذ نام
____________________
(١) القبج : طائر يشبه الحجل ، وقيل : هو معرب كبك.
(٢) في نسخة : على باب الغار.
(٣) رفسه : ضربه. رفس اللحم ونحوه : دقه.
(٤) في نسخة : وأنك رسول الله.