وأنت في حل من بيعتك فأما علي فهو أنا ، وأنا هو ، فتحول وجلس بين يدي النبي صلىاللهعليهوآله وبكى ، وقال : لا والله ، ورفع رأسه إلى السماء وقال : لا والله لا جعلت نفسي في حل من بيعتي ، إني بايعتك ، فإلى من أنصرف يا رسول الله؟ إلى زوجة تموت ، أو ولد يموت ، أو دار تخرب ، ومال يفنى ، وأجل قد اقترب؟ فرق له النبي (ص) فلم يزل يقاتل حتى أثخنته الجراحة وهو في وجه ، وعلي في وجه فلما أسقط احتمله علي عليهالسلام فجاء به إلى النبي (ص) فوضعه عنده ، فقال : يا رسول الله أوفيت ببيعتى؟ قال : نعم ، وقال له النبي صلىاللهعليهوآله : خيرا ، وكان الناس يحملون على النبي صلىاللهعليهوآله الميمنة فيكشفهم علي عليهالسلام ، فإذا كشفهم أقبلت الميسرة إلى النبي (ص) فلم يزل كذلك حتى تقطع سيفه بثلاث قطع ، فجاء إلى النبي (ص) فطرحه بين يديه وقال : هذا سيفي قد تقطع ، فيومئذ أعطاه النبي (ص) ذا الفقار ، فلما رأى النبي صلىاللهعليهوآله اختلاج ساقيه من كثرة القتال رفع رأسه إلى السماء وهو يبكي وقال : « يا رب وعدتني أن تظهر دينك وإن شئت لم يعيك » فأقبل علي عليهالسلام إلى النبي صلىاللهعليهوآله فقال : يا رسول الله أسمع دويا شديدا ، وأسمع أقدم حيزوم ، وما أهم أضرب أحدا إلا سقط ميتا قبل أن أضربه ، فقال : هذا جبرئيل وميكائيل وإسرافيل والملائكة(١) ، ثم جاء جبرئيل فوقف إلى جنب رسول الله صلىاللهعليهوآله فقال : يا محمد إن هذه هي المواساة ، فقال : إن عليا مني وأنا منه فقال جبرئيل عليهالسلام وأنا منكما ، ثم انهزم الناس فقال رسول الله (ص) لعلي عليهالسلام : يا علي امض بسيفك حتى تعارضهم ، فإن رأيتهم قد ركبوا القلاص وجنبوا الخيل فإنهم يريدون مكة ، وإن رأيتهم قد ركبوا الخيل وهم يجنبون القلاص فإنهم يريدون المدينة ، فأتاهم علي عليهالسلام فكانوا على القلاص ، فقال أبوسفيان لعلي عليهالسلام : يا علي ما تريد هو ذا نحن ذاهبون إلى مكة ، فانصرف إلى صاحبك ، فأتبعهم جبرئيل عليهالسلام ، فكلما سمعوا
___________________
(١) في المصدر : في الملائكة.