المشركون ، ونساؤهم يدعون بالويل بعد ضرب الدفوف ، فلما ترك أصحاب عبدالله ابن جبير مراكزهم ونظر خالد بن الوليد إلى خلا الجبل وقلة أهله فكر بالخيل وتبعه عكرمة بالخيل ، وانطلقا إلى موضع الرماة فحملوا عليهم فراماهم القوم حتى أصيبوا ، ورامى(١) عبدالله بن جبير حتى فنيت نبله ، ثم طاعن بالرمح حتى انكسر ثم كسر جفن سيفه فقاتل حتى قتل.
فروى رافع بن خديج قال : لما قتل خالد الرماة أقبل بالخيل وعكرمة يتلوه فخالطنا وقد انتقضت صفوفنا ، ونادى إبليس وتصور في صورة جعال بن سراقة : إن محمدا قد قتل ، ثلاث صرخات ، فابتلى يومئذ جعال ببلية عظيمة حين تصور إبليس في صورته ، وإن جعالا ليقاتل مع المسلمين أشد القتال ، وإنه إلى جنب أبي بردة وخوات بن جبير ، قال رافع : فوالله ما رأينا دولة كانت أسرع من دولة المشركين علينا وأقبل المسلمون على جعال يريدون قتله فشهد له خوات وأبوبردة أنه كان إلى جنبهما حين صاح الصائح غيره ، قال رافع : اتينا من قبل أنفسنا ومعصية نبينا ، واختلط المسلمون وصاروا يقتلون ويضرب بعضم بعضا ما يشعرون(٢) بما يصنعون من الدهش والعجل(٣).
وروى أبوعمر ومحمد بن عبدالواحد اللغوي ورواه ايضا محمد بن حبيب في أماليه أن رسول الله (ص) لما فر معظم أصحابه عنه يوم أحد كثرت عليه كتائب المشركين وقصدته كتيبة من بني كنانة ثم من بني عبد مناف(٤) بن كنانة فيها بنو سفيان بن عويف ، وهم خالد بن ثعلب(٥) وأبوالشعشاء بن سفيان ، وأبوالحمراء بن سفيان وغراب بن سفيان ، فقال رسول الله (ص) : يا علي اكفني هذه الكتيبة ، فحمل عليها
___________________
(١) في المصدر : ورمى.
(٢) في المصدر : وما يشعرون.
(٣) شرح نهج البلاغة ٣٦٦ ـ ٣٦٨.
(٤) في المصدر : من بنى عبد مناة بن كنانة ، وهو الصحيح راجع نهاية الارب : ٣١٧.
(٥) في المصدر : خالد بن سفيان.