وإنها لتقارب خمسين فارسا ، وهو عليهالسلام راجل ، فما زال يضربها بالسيف حتى تتفرق عنه ، ثم تجتمع عليه هكذا مرارا حتى قتل بني سفيان بن عويف الاربعة وتمام العشرة منها ممن لا يعرف أسماؤهم ، فقال جبرئيل عليهالسلام لرسول الله (ص)(١) : إن هذه للمواساة(٢) ، لقد عجبت الملائكة من مواساة هذا الفتى ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوآله : وما يمنعه وهو مني وأنا منه ، فقال جبرئيل : وأنا منكما ، قال : وسمع ذلك اليوم صوت من قبل السماء لا يرى شخص الصارخ به ، ينادي مرارا :
لا سيف إلا ذو الفقار ، ولا فتى إلا علي.
فسئل رسول الله عنه فقال : هذا جبرئيل.
قلت : وقد روى هذا الخبر جماعة من المحدثين وهو من الاخبار المشهورة و وقفت عليه في بعض نسخ مغازي محمد بن إسحاق ، وسألت شيخي عبدالوهاب بن سكينة عن هذا الخبر ، فقال : خبر صحيح ، فقلت له : فما بال الصحاح لم تشتمل عليه؟ قال : وكل(٣) ما كان صحيحا تشتمل عليه كتب الصحاح؟ كم قد أهمل(٤) جامعوا الصحاح من الاخبار الصحيحة(٥).
قال الواقدي : وقال رسول الله صلىاللهعليهوآله يومئذ ، من يأخذ هذا السيف بحقه؟ فقال عمر : أنا ، فأعرض عنه ، فقام الزبير فأعرض عنه ، ثم عرضه الثالثة ، فقال أبو دجانة : أنا يا رسول الله آخذه بحقه فدفعه إليه ، فما رؤي أحد قاتل أفضل من قتاله وكان حين أعطاه مشى بين الصفين واختال في مشيته ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوآله : «إن هذه لمشية يبغضها الله تعالى إلا في مثل هذا الموطن».
___________________
(١) يا محمد خ ل.
(٢) في المصدر : المواساة.
(٣) في المصدر : أو كل ما.
(٤) ولذا ترى أن البخارى أو مسلم لم يذكرا ما في صحيح الاخر ، واستدرك عليهما أيضا الحاكم اخبارا كثيرة صحيحة على شرطهما في مستدركه.
(٥) شرح نهج البلاغة ٣ : ٣٧١ و ٣٧٢.