وقال : خذها وأنا ابن العرقة(١) ، فقطع أكحله ، فقال سعد : عرق(٢) الله وجهك في النار ، اللهم إن كنت أبقيت من حرب قريش شيئا فأبقني لها ، فإنه لا قوم أحب إلي أن أجاهد من قوم آذوا رسولك وكذبوه وأخرجوه ، وإن كنت وضعت الحرب بيننا وبينهم فاجعله لي شهادة ولا تمتني حتى تقر عيني من بني قريظة.
قال : وجاء نعيم بن مسعود الاشجعي إلى رسول الله صلىاللهعليهوآله فقال : يا رسول الله إني قد أسلمت ولم يعلم بي أحد من قومي ، فمرني بأمرك ، فقال له رسول الله صلىاللهعليهوآله : « إنما أنت فينا رجل واحد ، فخذل عنا ما استطعت ، فإنما الحرب خدعة » فانطلق نعيم بن مسعود حتى أتى بني قريظة فقال لهم : إني لكم صديق ، والله ما أنتم وقريش وغطفان من محمد بمنزلة واحدة إن البلد بلدكم وبه أموالكم وأبناؤكم ونساؤكم ، وانما قريش وغطفان بلادهم غيرها ، وإنما جاؤا حتى نزلوا معكم ، فإن رأوا فرصة انتهزوها ، وإن رأوا غير ذلك رجعوا إلى بلادهم ، وخلوا بينكم وبين الرجل ، ولا طاقة لكم به ، فلا تقاتلوا حتى تأخذوا رهنا من أشرافهم تستوثقون به أن لا يبرحوا حتى يناجزوا محمدا ، فقالوا له : قد أشرت براي ، ثم ذهب فأتى أبا سفيان وأشراف قريش ، فقال : يا معشر قريش إنكم قد عرفتم ودي إياكم و فراقي محمدا ودينه ، وإني قد جئتكم بنصيحة فاكتموا علي ، فقالوا : نفعل ما أنت عندنا بمتهم ، فقال : تعلمون أن بني قريظة قد ندموا على ما صنعوا فيما بينهم وبين محمد ، فبعثوا إليه أنه لا يرضيك عنا إلا أن نأخذ من القوم رهنا من أشرافهم وندفعهم إليك فتضرب أعناقهم ، ثم نكون معك عليهم حتى نخرجهم من بلادك فقال : بلى ، فإن بعثوا إليكم يسألونكم نفرا من رجالكم فلا تعطوهم رجلا واحدا ، واحذروا ، ثم جاء غطفان فقال : يا معشر غطفان إنى رجل منكم ، ثم
___________________
(١) العرفة خ ل. تقدم ان الصحيح : العرقة.
(٢) عرف خ ل. أقول : في الامتاع والسيرة : عرق الله. لكن في الامتاع : فقال رسول الله صلىاللهعليهوآله : عرق الله وجهه في النار.