ثم قال في غزوة بني قريظة : روى الزهري ، عن عبدالرحمن بن عبدالله بن كعب بن مالك ، عن أبيه قال : لما انصرف النبي (ص) مع المسلمين عن الخندق و وضع عنه اللامة واغتسل واستحم تبدى(١) له جبرئيل فقال : عذيرك من محارب(٢) ، ألا أراك قد وضعت عنك اللامة ، وما ضعناها بعد ، فوثب رسول الله (ص) فزعا ، فعزم على الناس أن لا يصلوا صلاة العصر حتى يأتوا قريظة. فلبس الناس السلاح فلم يأتوا بني قريظة حتى غربت الشمس واختصم الناس ، فقال بعضهم : إن رسول الله صلىاللهعليهوآله عزم علينا أن لا نصلي حتى نأتي قريظة ، وإنما نحن في عزمة رسول الله (ص) فليس علينا إثم ، وصلى طائفة من الناس احتسابا ، وتركت طائفة منهم الصلاة حتى غربت الشمس ، فصلوها حين جاؤا من بني قريظة احتسابا فلم يعنف رسول الله (ص) واحدا من الفريقين.
وذكر عروة أنه بعث على بن أبي طالب عليهالسلام على المفدم ، ودفع إليه اللواء ، وأمره أن ينطلق حتى يقف بهم على حصن بني قريظة ، ففعل ، وخرج رسول الله (ص) على آثارهم فمر على مجلس من أنصار في بني غنم ينتظرون رسول ـ الله صلىاللهعليهوآله ، فزعموا أنه فقال : مر بكم الفارس آنفا؟ فقالوا : مر بنا دحيه الكلبي على بغلة شهباء تحته قطيفة ديباج ، فقال رسول الله (ص) : ليس ذلك بديحة ، ولكنه جبرئيل عليهالسلام أرسل إلى بني قريظة ليزلزلهم ، ويقذف في قلوبهم الرعب ، قالوا : وسار علي عليهالسلام حتى إذا دنا من الحصن سمع منهم مقالة قبيحة لرسول الله (ص) ، فرجع حتى لقى رسول الله (ص) بالطريق : فقال : يا رسول الله لا عليك أن لا تدنو من هؤلاء الاخابث ، قال : أظنك سمعت لي منهم أذى ، فقال : نعم يا رسول الله ، فقال : لو قد رأوني لم يقولوا من ذلك شيئا ، فلما دنا رسول الله (ص) من حصنهم قال : « يا إخوة القردة والخنازير هل أخزاكم الله وأنزل بكم نقمته »؟ فقالوا : يا أبا القاسم ما كنت جهولا ، وحاصرهم رسول الله (ص) خمسا وعشرين ليلة حتى
___________________
(١) اى ظهر.
(٢) أى من يعذرك منه اى يلومه ولا يلومك.