فلما رجع منها نزل على بئر وكان المآء قليلا فيها ، وكان أنس بن سيار(١) : حليف الانصار ، وكان جهجاه بن سعيد الغفاري أجيرا لعمر بن الخطاب فاجتمعوا على البئر ، فتعلق دلو سيار(٢) بدلو جهجاه ، فقال سيار : دلوي ، وقال جهجاه : دلوي ، فضرب جهجاه يده على وجه سيار(٣) ، فسال منه الدم ، فنادى سيار(٤) بالخزرج ، ونادى جهجاه بالقريش ، وأخذ الناس السلاح. وكاد أن تقع الفتنة ، فسمع عبدالله ابن أبي الندآء فقال : ما هذا؟ فاخبروه الخبر(٥) ، فغضب غضبا شديدا ، ثم قال قد كنت كارها لهذا المسير إني لاذل العرب ، ما ظننت أني(٦) أبقى إلى أن أسمع مثل هذا فلا يكون(٧) عندي تغيير ، ثم أقبل على أصحابه فقال : هذا عملكم ، أنزلتموهم منازلكم ، وواسيتموهم بأموالكم ، ووقيتموهم بأنفسكم ، وأبرزتم نحوركم للقتل فأرمل نساءكم وايتم صبيانكم ، ولو أخرجتموهم لكانوا عيالا على غيركم(٨) ، ثم قال : لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الاعز منها الاذل ، وكان في القوم زيد بن أرقم وكان غلاما قد راهق ، وكان رسول الله صلىاللهعليهوآله في ظل شجرة في وقت الهاجرة(٩) وعنده قوم بن أصحابه من المهاجرين والانصار ، فجاء زيد فأخبره بما قال عبدالله بن أبي ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوآله : « لعلك وهمت ياغلام »؟ قال : لا والله ما وهمت ، فقال : « فلعلك غضبت عليه »؟ قال : لا والله ما غضبت عليه ، قال : «فلعلة سفه عليك» قال(١٠) : لا والله ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوآله
___________________
(١) هكذا في الكتاب ومصدره ، ولم نجد له ذكرا في الصحابة ، والموجود في تاريخ الطبرى ومجمع البيان كما تقدم : سنان الجهنى. وفي السيرة واسد الغابة : سنان بن وبر الجهنى.
(٢ ـ ٤) هكذا في النسخ ، والصحيح كما في المصدر : ابن سيار.
(٥) بالخبر خ ل.
(٦) أن ابقى خ ل.
(٧) فلا يكن خ ل.
(٨) لغيركم خ ل.
(٩) الهاجرة مؤنث الهاجر : نصف النهار في القيظ ، أو من عند زوال الشمس إلى العصر ، لان الناس يستكنون في بيوتهم كانهم هاجروا.
(١٠) فقال خ ل.