ميمونة بنت الحارث العامرية فخطبها صلىاللهعليهوآله فجعلت أمرها إلى العباس بن عبد المطلب ، وكانت تحته أختها أم الفضل بنت الحارث ، فزوجها العباس من رسول الله صلىاللهعليهوآله ، فلما قدم رسول الله (ص) أمر أصحابه فقال : «اكشفوا عن المناكب واسعوا في الطواف» ليرى المشركون جلدهم وقوتهم ، فاستكف أهل مكة الرجال والنساء والصبيان ينظرون إلى رسول الله صلىاللهعليهوآله وأصحابه وهم يطوفون بالبيت ، وعبدالله بن رواحة يرتجز بين يدي رسول الله متوشحا بالسيف يقول :
خلوا بني الكفار عن سبيله |
|
قد أنزل الرحمن في تنزيله |
في صحف تتلى على رسوله |
|
اليوم نضربكم على تأويله |
كما ضربناكم على تنزيله |
|
ضربا يزيل الهام عن مقيله |
ويذهل الخليل عن خليله |
|
يا رب إني مؤمن بقيله |
إني رأيت الحق في قبوله
ويشير بيده إلى رسول الله صلىاللهعليهوآله ، وأنزل الله في تلك العمرة : « الشهر الحرام بالشهر الحرام » وهو أن رسول الله صلىاللهعليهوآله اعتمر في الشهر الحرام الذي صد فيه(١).
وقال في قوله تعالى : « إذا جاءكم المؤمنات مهاجرات » : قال ابن عباس : صالح رسول الله صلىاللهعليهوآله بالحديبية مشركي مكة على أن من أتاه من أهل مكة رده عليهم ومن أتى أهل مكة من أصحاب رسول الله (ص) فهو لهم ولم يردوه عليه ، وكتبوا بذلك كتابا وختموا عليه ، فجاءت سبيعة بنت الحارث الاسلمية مسلمة بعد الفراغ من الكتاب والنبي صلىاللهعليهوآله بالحديبية ، فأقبل زوجها مسافر من بني مخزوم ـ وقال مقاتل : هو صيفي بن الراهب ـ في طلبها ، وكان كافرا ، فقال : يا محمد اردد علي امرأتي فإنك قد شرطت لنا أن ترد علينا من أتاك منا ، وهذه طينة الكتاب لم تجف بعد فنزلت الآية : « يا أيها الذين آمنوا إذا جاءكم المؤمنات مهاجرات » من دار الكفر إلى دار الاسلام « فامتحنوهن » قال ابن عباس : امتحانهن ، إن يستحلفن ما خرجن
___________________
(١) مجمع البيان ٩ : ١٢٧.