لا أريد غيره ، ولا أطمع في محمد وقلت لعلي أصيب من علي أو حمزة غرة فأزرقه ، وكنت لا أخطئ في رمي الحراب تعلمته من الحبشة في أرضها ، وكان حمزة يحمل حملاته ، ثم يرجع إلى موقفه. قال أبوعبدالله عليهالسلام وزرقه وحشي فوق الثدي فسقط ، وشدوا عليه فقتلوه ، فأخذ وحشي الكبد فشد بها إلى هند بنت عتبة فأخذتها فطرحتها في فيها ، فصارت مثل الداغصة فلفظتها.
وقال : وكان الحليس بن علقمة(١) نظر إلى أبي سفيان وهو على فرس وبيده رمح يجأبه في شدق حمزة فقال : يامعشر بني كنانة انظروا إلى من يزعم أنه سيد قريش ما يصنع بابن عمه الذي قد صار لحما؟ وأبوسفيان يقول : ذق عقق ، فقال أبوسفيان : صدقت إنما كانت مني زلة اكتمها علي.
قال : وقام أبوسفيان فنادى بعض المسلمين : أحي ابن أبي كبشة؟ فأما ابن أبي طالب عليهالسلام فقد رأيناه مكانه ، فقال علي : إي والذي بعثه بالحق إنه ليسمع كلامك ، قال : إنه قد كانت في قتلاكم مثله ، والله ما أمرت ولا نهيت ، إن ميعادنا بيننا وبينكم موسم بدر في قابل هذا الشهر ، فقال رسول الله (ص) : قل : نعم ، فقال : نعم ، فقال أبوسفيان لعلي : إن ابن قميئة أخبرني أنه قتل محمدا وأنت أصدق عندي منه وأبر ، ثم ولى إلى أصحابه وقال : اتخذوا الليل جملا وانصرفوا.
ثم دعا رسول الله صلىاللهعليهوآله عليا فقال : اتبعهم فانظر أين يريدون فإن كانوا ركبوا الخيل وساقوا الابل فإنهم يريدون المدينة ، وإن كانوا ركبوا الابل وساقوا الخيل فهم متوجهون إلى مكة.
وقيل : إنه بعث لذلك سعد بن أبي وقاص.
فرجع فقال : رأيت خيلهم تضرب بأذنابها مجنوبة مدبرة ، ورأيت القوم قد تجملوا سائرين ، فطابت أنفس المسلمين بذهاب العدو فانتشروا يتتبعون قتلاهم ، فلم يجدوا قتيلا إلا وقد مثلوا به إلا حنظلة بن أبي عامر كان أبوه مع المشركين فترك له ، ووجدوا حمزة قد شق بطنه ، وجدع أنفه ، وقطعت أذناه ، وأخذ كبده
___________________
(١) في السيرة : الحليس بن زبان اخو بنى الحارث بن عبد مناة. وهو يومئذ سيد الاحابيش.