وإن شئت أن لا تعبد لا تعبد » فلما سمعت الانصار نداء العباس عطفوا وكسروا جفون سيوفهم وهم يقولون : لبيك ، ومروا برسول الله صلىاللهعليهوآله واستحيوا أن يرجعوا إليه ولحقوا بالراية ، فقال رسول الله ، للعباس : من هؤلاء يا أبا الفضل؟ فقال : يا رسول الله هؤلاء الانصار ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوآله : « الآن حمي الوطيس(١) » ونزل النصر من السماء ، وانهزمت هوازن ، وكانوا يسمعون قعقعة السلاح في الجو و انهزموا(٢) في كل وجه وغنم الله(٣) رسوله أموالهم ونساءهم وذراريهم ، وهو قول الله تعالى : « لقد نصركم الله في مواطن كثيرة ويوم حنين(٤) ».
وفي رواية أبي الجارود عن أبي جعفر عليهالسلام في قوله : « ثم أنزل الله سكينته على رسوله وعلى المؤمنين وأنزل جنودا لم تروها وعذب الذين كفرواً وهو القتل « وذلك جزاء الكافرين(٥) » قال : وقال رجل من بني نضر بن معاوية يقال له شجرة بن ربيعة ، للمؤمنين وهو أسير في أيديهم : أين الخيل البلق ، والرجال عليهم الثياب البيض؟ فإنما كان قتلنا بأيديهم ، وما كنا نراكم فيهم إلا كهيئة الشامة(٦) قالوا : تلك الملائكة(٧).
بيان : أوطاس : موضع على ثلاث مراحل من مكة. والحزن : ما غلظ من الارض. والضرس بالكسر : الاكمة الخشنة. والدهس بالفتح : المكان السهل اللين. والرغاء بالضم : صوت البعير. والثغاء بالفتح : صوت الشاة والمعز وما شاكلهما. وبيضة القوم : مجتمعهم وموضع سلطانهم. ويقال : لا يلوي أحد على أحد ، أي لا يلتفت ولا يعطف عليه. وقوله : وكبر علمك أي ضعف علمك وأصابه ضعف الكبر ، وفي بعض النسخ : وساخ علمك ، أي غار ، وفي مجمع البيان : و ذهب علمك(٨) وقال الجزري : فيه : ليتني فيها جذعا ، أي ليتني كنت شابا عند
____________________
(١) الوطيس ، التنور ، واراد ههنا الحرب. اى اشتدت الحرب.
(٢) وتفرقواخ. (٣) واغنم الله خ.
(٤ و ٥) تقدم ذكر محلهما في اول الباب.
(٦) الشامة : الخال. اراد بذلك قلتهم وكثرة الملائكة.
(٧) تفسير القمى : ص ٢٦١ ـ ٢٦٣. (٨) وفي سيرة ابن هشام : كبر عقلك.