فلما أتى العاقب على اقتصاصه(١) هذا أقبل عليه حارثة مجيبا فقال : أشهد : بالله البديع يا أيها النبيه الخطير ، والعليم الاثير ، لقد ابتسم الحق بقيلك ، و أشرق الجناب(٢) بعدل منطقك ، وتنزلت كتب الله التي جعلها نورا في بلاده ، و شاهدة على عباده بما افتصصت(٣) من مسطورها حقا ، فلم يخالف طرس منها طرسا ولا رسم من آياتها رسما ، فما بعد هذا؟ قال : العاقب : فإنك زعمته(٤) أخا قريش ، فكنت بما تأثر من هذا حق غالط ، قال : وبم ، ألم تعترف له بنبوته ورسالته الشواهد قال العاقب : بلى لعمرو الله ، ولكنهما نبيان رسولان ، يعتقبان بين مسيح الله عزوجل وبين الساعة ، اشتق اسم أحد هما من صاحبه محمد وأحمد بشر بأولهما موسى عليهالسلام وبثانيهما عيسى عليهالسلام ، فأخو قريش هذا مرسل إلى قومه ويقفوه من بعده ذوالملك الشديد ، والاكل الطويل ، يبعثه الله عزوجل خاتما للدين ، وحجة على الخلائق أجمعين ، ثم يأتي من بعده فترة تتزايل فيها القواعد من مراسيها ، فيعيدها الله(٥) عز وجل(٦) على الدين كله ، فيملك هو والملوك الصالحون من عقبه جميع ما طلع عليه الليل والنهار ، من أرض وجبل وبر وبحر ، يرثون أرض الله عزوجل ملكا كما ورثها وملكها(٧) الابوان : آدم ونوح عليهماالسلام ، يلقون(٨) وهم الملوك الاكابر في مثل هيئة المساكين بذاذة واستكانة ، فأولئك الاكرمون الاماثل ، لا يصلح عباد الله وبلاده إلا بهم ، عليهم ينزل عيسى بن البشر(٩) عليهالسلام على آخر هم بعد مكث طويل وملك شديد ، لا خير في العيش بعد هم ، وتردفهم رجراحة(١٠) طغام
____________________
(١) في النسخة القديمة : « افتصاصه » بالفاء وفي القاموس : افتصه : فصله وما استفص منه شيئا : ما استخرج ، وتفصصوا عنه : تنادوا. وكان القاف اقل تكلفا منه عفى عنه.
(٢) في المصدر : واشرق الجنان.
(٣) افتصصت خ ل. أقول : في المصدر : بما اقتصصت من سطورها حقا.
(٤) زعمت ( كذا ) أقول : في المصدر : زعمت اخا قريش.
(٥) فيعيده الله خ ل. (٦) ويظهره خ.
(٧) او ملكها خ ل. (٨) يلفون خ ل.
(٩) البكر خ ل. (١٠) رجرجة خ ل. أقول : في نسخة من المصدر : واخراجه.