وكان هذا المجلس الرابع من اليوم الرابع ، وذلك لما حلقت الشمس وركدت وفي زمن قيظ شديد ، فأقبلا على حارثة فقالا : أرج هذا إلى غد ، فقد بلغت القلوب منا الصدور ، فتفرقوا على إحضار الزاجرة والجامعة من غد للنظر فيهما والعمل بما يترا آن(١) منهما ، فلما كان من الغد صار أهل نجران إلى بيعتهم لاعتبار ما أجمع صاحباهم مع حارثة على اقتباسه وتبينه(٢) من الجامعة ، ولما رأى السيد والعاقب اجتماع الناس لذلك قطع بهما لعلمهما بصواب قول حارثة واعترضاه ليصدانه عن تصفح الصحف على أعين الناس ، وكانا من شياطين الانس ، فقال السيد : إنك قد أكثرت وأمللت فض(٣) الحديث لنا مع فضه(٤) ودعنا من تبيانه ، فقال حارثة : وهل هذا إلا منك وصاحبك ، فمن الآن فقولا ما شئتما ، فقال العاقب : ما من مقال إلا ما قلنا(٥) وسنعود فنخبر بعد ذلك لك تخبيرا ، غير كانمين لله عز وجل من حجة ، ولا جاحدين له آية ، ولا مفترين مع ذلك على الله عزوجل لعبد إنه مرسل منه وليس برسوله ، فنحن نعترف يا هذا بمحمد صلىاللهعليهوآله أنه رسول من الله عزوجل إلى قومه من بني إسماعيل عليهالسلام في غير(٦) أن يجب له بذلك على غيرهم من عرب الناس ولا أعاجمهم تباعة ولا طاعة بخروج له عن ملة ، ولا دخول معه في ملة ، إلا الاقرار له بالنبوة والرسالة إلى أعيان قومه ودينه.
قال حارثة : وبم شهدتما له بالنبوة والامر؟ قالا : حيث جاء تنا فيه البيتة من تباشير الاناجيل والكتب الخالية ، فقال : منذوجب هذا لمحمد صلىاللهعليهوآله عليكما في طويل الكلام وقصيره وبدئه وعوده فمن أين زعتما أنه ليس بالوارث الحاشر ولا المرسل إلى كافة البشر؟ قالا : لقد علمت وعلمنا فما نمتري بأن حجة الله
____________________
(١) يثيران خ ل. في القاموس : ثور القران ، بحث عن علمه ، منه قدسسره.
(٢) تبيينه خ ل. أقول : في المصدر : تبينه » تتبعه خ ل ».
(٣) قص خ ل « قض خ ل ».
(٤) قصه خ ل. أقول : في المصدر : قض الحديث لنا مع قضه ، ودعنا من ( مع خ ل ) تبيانه.
(٥) في المصدر : الا قلنا وسنعود فنخبر بعض ذلك لك تخبيرا « تخبرا خ ل ».
(٦) من غير خ ل. أقول : في المصدر : في غيران نجب.