رجع من الحديبية أقام بالمدينة بقية ذي الحجة ، وبعض المحرم ، ثم خرج في بقية المحرم لسنة سبع ، واستخلف على المدينة سباع بن عرفطة الغفاري(١) ، و أخرج معه أم سلمة ، فلما نزل بساحتهم أصبحوا وغدوا(٢) إلى أعمالهم معهم المساحي والمكاتل ، فلما نظروا إلى رسول الله صلىاللهعليهوآله قالوا : محمد والخميس(٣) فولوا هاربين إلى حصونهم ، وجعل رسول الله صلىاللهعليهوآله يقول : « الله أكبر خزيت(٤) خيبر إنا جيش إذا نزلنا(٥) بساحة قوم فساء صباح المنذرين » فقاتلوهم أشد القتال وفتحها حصنا حصنا ، وهي حصون ذوات عدد ، وأخذ كنز(٦) آل أبي الحقيق ، وكان قد غيبوه في خربة فدله الله عليه فاستخرجه وقتل منهم ثلاثة وتسعين(٧) رجلا من يهود حتى ألجأهم إلى قصورهم ، وغلبهم على الارض والنخل فصالحهم على أن يحقن دماءهم ولهم ما حملت ركابهم ، وللنبي صلىاللهعليهوآله الصفراء والبيضاء والسلاح ، ويخرجهم وشرطوا للنبي صلىاللهعليهوآله أن لا يكتموه شيئا ، فإن فعلوا فلا ذمة لهم ولا عهد ، فلما وجد المال الذي غيبوه في مسك الجمال(٨) سبى نساءهم وغلب على الارض والنخل ودفعها إليهم على الشطر.
ثم ذكر حديث الراية ورجوع أبي بكر وعمر وانهزامهما وقوله صلىاللهعليهوآله : « أما والله لاعطين الراية غدا رجلا يحب الله ورسوله ، ويحبه الله ورسوله يأخذها » إلى آخر ما مر.
____________________
(١) في سيرة ابن هشام ٣ : ٣٧٨ : واستعمل على المدينة نميلة بن عبدالله الليثى ، وذكر المقريزى في الامتاع سباع أولا ، ثم قال : وقيل : أباذر ، وقيل نميلة بن عبدالله الليثى.
(٢) في المصدر : أصبحوا وأفئدتهم تخفق وفتحوا حصونهم وغدوا.
(٣) الخميس الجيش ، سمى بذلك لانه ينقسم إلى خمسة اقسام : مقدمة ، وساقة ، وقلب ، وميمنة ، وميسرة. (٤) في السيرة : خربت خيبر.
(٥) في المصدر والسيرة وغيرهما : إنا إذا نزلنا.
(٦) في الامتاع : كان مسك جمل فيه : أسورة الذهب ، ودمالج الذهب ، وخلاخل الذهب واقرطة ذهب ، ونظم من جوهر وزمرد : وخواتم ذهب : وفتخ بجزع ظفار مجزع بالذهب انتهى أقول : الفتخ بالخاء المعجمة جمع فتخة : حلقة تلبس في الاصبع كالخاتم.
(٧) في المصدر : سبعين. (٨) في المصدر : في مسك الجمل.