ثم قال : قال ابن عباس : لما أراد النبي صلىاللهعليهوآله أن يخرج من خيبر قال القوم : الآن نعلم أسرية صفية أم امرأة ، فإن كانت امرأة فسيحجبها ، وإلا فهي سرية. فلما خرج أمر بستر فستر دونها ، فعرف الناس أنها امرأة ، فلما أرادت أن تركب أدنى رسول الله صلىاللهعليهوآله فخذه منها لتركب عليها ، فأبت ووضعت ركبتها على فخذه ثم حملها ، فلما كان الليل نزل فدخل الفسطاط ودخلت معه ، وجاء أبوأيوب فبات عند الفسطاط معه السيف واضع رأسه على الفسطاط ، فلما أصبح رسول الله صلىاللهعليهوآله سمع صوتا فقال : « من هذا؟ » فقال : أنا أبوأيوب ، فقال : « ما شأنك؟ » قال : يا رسول الله جارية شابة حديثة عهد بعرس وقد صنعت بزوجها ما صنعت فلم آمنها ، قلت : إن تحركت كنت قريبا منك ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوآله : « رحمك الله يا أبا أيوب » مرتين ، وكانت صفية عروسا بكنانة بن الربيع بن أبي الحقيق حين نزل رسول الله خيبر ، فرأت في المنام كأن الشمس نزلت حتى وقعت على صدرها فقصت ذلك على زوجها ، فقال : والله ما تمنيت(١) إلا هذا الملك الذي نزل بنا. ففتحها رسول الله صلىاللهعليهوآله وضرب عنق زوجها فتزوجها.
وفي بعض الروايات أن صفية كانت قد رأت في المنام وهي عروس بكنانة بن الربيع أن قمرا وقع في حجرها ، فعرضت رؤياها على زوجها ، فقال : ما هذا إلا أنك تمنين ملك الحجاز ، فلطم وجهها لطمة اخضرت عينها منها ، فأتي رسول الله صلىاللهعليهوآله بها وبها أثر منها ، فسألها ما هو ، فأخبرته هذا الخبر.
وأتي رسول الله صلىاللهعليهوآله بزوجها كنانة وكان عنده كنز بني النضير فسأله فجحده أن يكون يعلم مكانه ، فأتي رسول الله صلىاللهعليهوآله برجل من اليهود فقال لرسول الله (ص) : إني قد رأيت كنانة يطيف بهذه الخربة كل غداة ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوآله : « أرأيت إن وجدناه عندك أفنلك؟ » قال : نعم ، فأمر رسول الله صلىاللهعليهوآله بالخربة فحفرت فأخرج منها بعض كنزهم ، ثم سأله ما بقي فأبي أن يؤديه ، فأمر صلىاللهعليهوآله الزبير بن العوام قال : « عذبه حتى تستأصل ما عنده » وكان الزبير يقدح بزند في
____________________
(١) في المصدر : ما تمنين.